مِنْهَا أَن ترك الرَّاوِي لذكر من حَدثهُ يتَضَمَّن جَهَالَة عينه وَصفته فاذا كَانَ لَو ذكر اسْمه فَعرف السَّامع عينه وَلم يعرف عَدَالَته لم يجز لَهُ الْعَمَل بحَديثه فَأولى أَن لَا يجوز لَهُ قبُوله إِذا لم يعرف عينه وَلَا عَدَالَته وَالدَّلِيل على أَن ترك ذكره للراوي يتَضَمَّن جَهَالَة عَدَالَته أَن عَدَالَته إِن عرفناها بِذكرِهِ فالمرسل مَا ذكره وَإِن عرفناها بِأَن الثِّقَة لَا يُرْسل إِلَّا عَن ثِقَة فَهَذَا لَا يَصح لِأَن كثيرا من الثِّقَات قد أرْسلُوا عَمَّن لَيْسَ بِثِقَة وَلِأَن الْإِنْسَان قد يكون ثِقَة عِنْد إِنْسَان وَلَا يكون ثِقَة عِنْد إِنْسَان آخر فَلَا يمْتَنع لَو عرفنَا من لم يذكرهُ الْمُرْسل لما كَانَ ثِقَة عندنَا وَالْجَوَاب إِن إرْسَال الْمُرْسل لَا يتَضَمَّن جَهَالَة صفة من لم يذكرهُ لِأَن نَفْيه يشْهد بعدالة من أرسل عَنهُ وَقَوْلهمْ إِن الْعدْل قد يُرْسل عَمَّن لَيْسَ بِثِقَة لَا يقْدَح فِيمَا قُلْنَاهُ لِأَن من أرسل عَمَّن لَيْسَ بِثِقَة إِن كَانَ قد عرف أَنه غير ثِقَة فَذَلِك يقْدَح فِي عَدَالَته كَمَا أَنه إِذا ذكره وَقَالَ هُوَ ثِقَة عِنْدِي وَعلمنَا أَنه لم يكن عِنْده ثِقَة فانه يقْدَح فِي عَدَالَته وَلَا يقْدَح ذَلِك فِي أَن الظَّاهِر وَالْغَالِب مِمَّن ظَاهره الْعَدَالَة أَنه لَا يزكّى من يعْتَقد أَنه غير زكي كَذَلِك الْغَالِب مِمَّن هُوَ ثِقَة فِي الظَّاهِر أَنه لَا يُرْسل إِلَّا عَمَّن هُوَ ثِقَة عِنْده وَالْغَالِب لَا يَزُول بالنادر وَإِن كَانَ قد ارسل عَنهُ وَهُوَ ثِقَة عِنْده وَبَان لنا انه لَيْسَ بِثِقَة فَذَلِك لَا يقْدَح أَيْضا فِي أَن الظَّاهِر من كَونه ثِقَة عِنْده أَن يكون ثِقَة فِي نَفسه وَإِن جَازَ خِلَافه لِأَن الْغَالِب لَا يبطل بتجويز خِلَافه كَمَا أَنه لَو قَالَ هُوَ عدل عِنْدِي جَازَ لَو فحصنا نَحن عَنهُ أَن لَا يكون عدلا عندنَا وَلَا يمْتَنع ذَلِك من أَن الظَّاهِر من تزكيته أَنه زكي فِي نَفسه وَأَنه لَا يجب علينا الفحس عَنهُ وَقَوْلهمْ إِذا لم يجز قبُول الْخَبَر إِذا سمى الْمخبر من سمع مِنْهُ مَتى لم يعرف عَدَالَته فبأن لَا يجوز ذَلِك إِذا لم يعرف عينه وَلَا عَدَالَته أولى فَالْجَوَاب عَنهُ أَن مِمَّن يقبل الْمَرَاسِيل من يَقُول إِذا سمى الرَّاوِي من روى عَنهُ وَلم يقل هُوَ عدل عِنْدِي فقد زَكَّاهُ وَيجب قبُول حَدِيثه وَهَذَا يلْزم عَلَيْهِ أَن يسْقط النّظر فِي الْمُحدثين مَعَ كَثْرَة الْفساد فِي النَّاس إِذا ذكر الْمُحدث من روى عَنهُ لِأَن عَدَالَته تَقْتَضِي ثِقَة من سمع مِنْهُ وثقة من سمع مِنْهُ تَقْتَضِي عَدَالَة من سمع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute