للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكيف يَزُول مَا لَا يتَغَيَّر بِحَال مَا يتَغَيَّر وَقد نقضت الشُّبْهَة بانتقالنا عَن مُقْتَضى الْعقل بِخَبَر الْوَاحِد وَهَذَا لَا يلْزم لِأَن عُمُوم الْكتاب دلّ لَفظه على شُمُول الحكم على طَرِيق الْقطع لَو انْفَرد أَلا ترى أَنه يتَنَاوَل لَفظه كل وَاحِد من أشخاص النَّوْع وَالْجِنْس فَلَو عدلنا عَن بعضه بِخَبَر الْوَاحِد كُنَّا قد عدلنا عَن مُوجب دَلِيل قَاطع وَأما الْعقل فانه لَا يَقْتَضِي قبح ذبح الْحَيَوَان إِلَّا من حَيْثُ أَنه ألم مَحْض وَلَيْسَ يدل الْعقل على انه مَحْض وَإِنَّمَا يعلم الْعَاقِل أَنه مَحْض لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعقل وَلَا فِي السّمع مَا يدل عَلَيْهِ فاذا ورد الْخَبَر باباحته علمنَا أَن فِيهِ مَنْفَعَة موفية فَزَالَ الشَّرْط الَّذِي مَعَه قضى الْعقل بقبحه وَلم نَكُنْ تاركين لموجب الْعقل بِخَبَر الْوَاحِد لِأَن الْعقل لم يدل على أَنه لَيْسَ فِيهِ نفع موف وَخبر الْوَاحِد دلّ على ذَلِك فَلم نَكُنْ بتاركين لدلَالَة مَعْلُومَة إِلَى شَيْء مظنون

واجيب عَن الشُّبْهَة أَيْضا بِأَن خبر الْوَاحِد وَعُمُوم الْكتاب طريقهما الِاجْتِهَاد فهما يتساويان وَهَذَا لَا يَصح لِأَنَّهُ إِن أُرِيد أَن طريقهما الِاجْتِهَاد الَّذِي هُوَ بذل الْجهد فِي الِاسْتِدْلَال فَصَحِيح لِأَن أَحدهمَا مظنون أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَه وَالْآخر مَعْلُوم أَن الله عز وَجل قَالَه وَإِن أُرِيد أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا مظنون فَلَا يَصح

وَقد قَاس الْمُخَالف الْمَنْع من تَخْصِيص الْكتاب بِخَبَر الْوَاحِد على الْمَنْع من نسخه بِخَبَر الْوَاحِد بعلة أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا عدُول إِلَى مظنون عَن مَعْلُوم الْجَواب إِنَّهُم إِن قاسوا أَحدهمَا على الآخر فِي الْمَنْع من التَّعَبُّد بهما من جِهَة الْعُقُول لم نسلم الحكم فِي الأَصْل لأَنا نجوز من جِهَة الْعقل نسخ الْقُرْآن بِخَبَر الْوَاحِد وَإِن قاسوا أَحدهمَا على الآخر فِي الْمَنْع من التَّعَبُّد شرعا فَمَا ذَكرُوهُ من الْعلَّة غير مَعْلُومَة فَلم يجز الْقيَاس بهَا فِي هَذَا الْموضع وَأما من منع تَخْصِيص عُمُوم الْكتاب بِخَبَر الْوَاحِد إِذا لم يتقدمه تَخْصِيص فقد أبطل لِأَن الْعُمُوم الْمَخْصُوص كَالَّذي لَيْسَ بمخصوص فِي أَنه مَعْلُوم صدوره من حَكِيم وتناوله من جِهَة الْحَقِيقَة لما لم يتَنَاوَلهُ التَّخْصِيص فاذا خصت الصَّحَابَة بِخَبَر الْوَاحِد

<<  <  ج: ص:  >  >>