للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من خبر وَاحِد يُعَارض الْقيَاس فَأَما من قَالَ إِن الْقيَاس أولى من خبر الْوَاحِد إِذا كَانَ الْقيَاس قِيَاسا على دَلِيل قَاطع فَلَا يلْزمه هَذَا الْكَلَام

وَمِنْهَا قَوْلهم إِن خبر الْوَاحِد يجْرِي مجْرى مَا سمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ أولى من الْقيَاس وَلقَائِل أَن يَقُول إِن خبر الْوَاحِد يجْرِي مجْرى مَا سمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وجوب الْعَمَل وَهَكَذَا الْقيَاس وَأَيْضًا فَلَيْسَ يجب إِذا جرى خبر الْوَاحِد مجْرى مَا سمع من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض الْأُمُور أَن يجْرِي مجْرَاه فِي أُمُور أخر أَلا ترى انه لَا يجْرِي مجْرَاه فِي نسخ الْقُرْآن

وَمِنْهَا قَوْلهم إِن إِثْبَات الحكم بِخَبَر الْوَاحِد يسْتَند إِلَى قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِغَيْر وَاسِطَة وإثباته بِالْقِيَاسِ يسْتَند إِلَى قَوْله بِوَاسِطَة فَكَانَ إثْبَاته بالْخبر أولى وَلقَائِل أَن يَقُول إِنَّه كَانَ لإِثْبَات الحكم بالْخبر هَذِه المزية فان لإِثْبَات الحكم بِهَذَا الْقيَاس مزية أُخْرَى وَهِي استناده إِلَى أصل مَعْلُوم وَإِن كَانَ بِوَاسِطَة الِاجْتِهَاد فِي الأمارة فَكَمَا أَن الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد يسْتَند إِلَى أصل مَعْلُوم وَهُوَ مَا دلّ على وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد فَكَذَلِك الحكم بِالْقِيَاسِ يسْتَند إِلَى مَا دلّ على الْعَمَل بِالْقِيَاسِ وَهُوَ مَعْلُوم وكما أَن الْعَمَل بِالْقِيَاسِ يفْتَقر إِلَى الِاجْتِهَاد فِي الأمارة فَالْحكم بِخَبَر الْوَاحِد يفْتَقر إِلَى الِاجْتِهَاد فِي أَحْوَال المخبرين فهما يتساويان من هَذِه الْوُجُوه وَهَذَا من أقوى مَا يحْتَج بِهِ من رد الْأَمر فِيهَا إِلَى الِاجْتِهَاد

وَمِنْهَا أَن عُمُوم الْكتاب يدل تصريحه على مَا تنَاوله لَفظه وَيدل على حكم الْفُرُوع بِوَاسِطَة الْقيَاس ودلالته على مَا تنَاوله لَفظه أقوى لِأَنَّهُ يتَنَاوَلهُ بِنَفسِهِ من غير وَاسِطَة وَلَيْسَ كَذَلِك دلَالَته على حكم الْفُرُوع فاذا جَازَ أَن يخرج مِنْهُ بعض مَا تنَاوله لَفظه بِخَبَر الْوَاحِد مَعَ قُوَّة دلَالَته عَلَيْهِ كَانَ بِأَن يخرج مِنْهُ مَدْلُوله الأخفى وَهُوَ مَا دلّ عَلَيْهِ بِوَاسِطَة الْقيَاس لأجل خبر الْوَاحِد أولى إِذْ كَانَ إِخْرَاج مَا دلّ عَلَيْهِ بِوَاسِطَة الْقيَاس يجْرِي مجْرى التَّخْصِيص لِأَنَّهُ إِخْرَاج بعض مَا دلّ عَلَيْهِ إِذْ كَانَ يدل على أَشْيَاء بِوَاسِطَة وَبِغير وَاسِطَة

<<  <  ج: ص:  >  >>