للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي صفة الْمُكَلف الَّتِي مَعهَا يُمكن الِاسْتِدْلَال على الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة وَفِي كَيْفيَّة الِاسْتِدْلَال على الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

اعْلَم أَن صفة الْمُكَلف الَّتِي مَعهَا يُمكن الِاسْتِدْلَال على الْأَحْكَام هِيَ كَونه عَالما بقبح الْقَبِيح وبوجوب الْوَاجِب وَبِأَنَّهُ عَالم غَنِي عَن فعل الْقَبِيح وَعَن الْإِخْلَال بِالْوَاجِبِ فَمَتَى علم الْمُسْتَدلّ ذَلِك علم أَنه لَا يجوز أَن لَا يعرفنا البارىء عز وَجل مصالحنا ومفاسدنا لِأَن تَعْرِيف الألطاف وَاجِب والحكيم لَا يخل بِوَاجِب وَيعلم أَيْضا انه لَا يجوز ان يدلنا ويخاطبنا بِمَا يُفِيد فِي الْمُوَاضَعَة شَيْئا مَا إِلَّا وَهُوَ عَالم بَان مَا يفِيدهُ الْخطاب على مَا يفِيدهُ إِمَّا أَن يفِيدهُ بِمُجَرَّدِهِ أَو بِقَرِينَة لِأَنَّهُ لَو لم يعلم ذَلِك لَكَانَ قد لبس علينا ودلنا على خلاف الْحق وَذَلِكَ قَبِيح

أما التَّوَصُّل إِلَى الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة فَهُوَ أَن الْمُجْتَهد إِذا أَرَادَ معرفَة حكم الْحَادِثَة فَيجب أَن ينظر مَا حكمهَا فِي الْعقل ثمَّ ينظر هَل يجوز أَن يتَغَيَّر حكم الْعقل فِيهَا وَهل فِي أَدِلَّة الشَّرْع مَا يَقْتَضِي تقدم ذَلِك الحكم أم لَا فَإِن لم يجد مَا يَنْقُلهُ عَن الْعقل قضي بِهِ وَالشّرط فِي ذَلِك هُوَ علمه بانه لَو كَانَت الْمصلحَة قد تَغَيَّرت عَمَّا يَقْتَضِيهِ الْعقل لما جَازَ أَن لَا يدلنا الله تَعَالَى على ذَلِك فَإِن وجد فِي الشَّرْع مَا يدل على نَقله قضي بانتقاله لِأَن الْعُقُول إِنَّمَا دلّت على تِلْكَ الْأَحْكَام بِشَرْط أَن لَا ينقلنا عَنهُ دَلِيل شَرْعِي

وَالدّلَالَة الشَّرْعِيَّة ضَرْبَان خطاب وَغير خطاب وَهُوَ الْأَفْعَال وَالْقِيَاس والاستنباط وَالشّرط فِي الِاسْتِدْلَال بِأَفْعَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ علمنَا بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يفعل على وَجه الْعِبَادَة مَا لَيْسَ بِطَاعَة وان نعلم أَن مَا هُوَ وَاجِب عَلَيْهِ أَو ندب مِنْهُ فَهُوَ وَاجِب علينا أَو ندب منا إِلَّا أَن يدل دَلِيل على خِلَافه وَالشّرط فِي الِاسْتِدْلَال بِالْقِيَاسِ هُوَ أَن نعلم أَنا متعبدون بِهِ وَأَن حِكْمَة الله

<<  <  ج: ص:  >  >>