للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَة أشبه مَطْلُوب وَهُوَ حكم لَو نَص الله تَعَالَى فِي الْمَسْأَلَة لنَصّ عَلَيْهِ وَنفى الْبَاقُونَ هَذَا الْأَشْبَه وَقَالُوا لَيْسَ مَطْلُوب الْمُجْتَهد إِلَّا الظَّن للأمارة ليعْمَل على حسب ظَنّه وَنحن نبين أَنه يلْزم الْمُجْتَهد أَن يجْتَهد لظن أقوى الأمارات أَو لظن تعَارض الأمارات إِن جَازَ أَن تتعارض ثمَّ نبين أَنه إِذا ظن قُوَّة إِحْدَى الأمارات لَا يجوز لَهُ فِي تِلْكَ الْحَال أَن يعْمل على أَضْعَف الأمارات فِي نَفسه فالدلالة على أَنه يلْزمه الِاجْتِهَاد ليظن الأمارة الْأَقْوَى أَو يظنّ تعَارض الأمارات هِيَ أَن الْمُجْتَهد طَالب فإمَّا أَن يطْلب بِاجْتِهَادِهِ الظفر بِدَلِيل أَو أَمارَة فَلَيْسَ يجوز أَن يكون طلبه الظفر بِدَلِيل لِأَن من يَقُول على الْفُرُوع أَدِلَّة لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يَعْنِي بذلك أَن أَعْيَان الْفُرُوع تتناولها أَدِلَّة وَإِمَّا أَن يَعْنِي بِهِ أَن الأمارات وَإِن تناولت الْفُرُوع فالأدلة دَالَّة على وجوب الْعَمَل على تِلْكَ الأمارات فان عَنى الثَّانِي فَهُوَ قَوْلنَا وَإِن عَنى الأول فَهُوَ فَاسد لِأَن أَكثر الْفُرُوع لَيْسَ عَلَيْهَا نُصُوص قُرْآن وَلَا أَخْبَار متواترة وَلَا إِجْمَاع وَإِنَّمَا تتناولها أَخْبَار آحَاد ومقاييس مظنونة الْعِلَل وَكثير من الْفُرُوع وَإِن تناولتها الايات فانه لما كَانَت تِلْكَ الْآيَات تعارضها أَخْبَار آحَاد ومقاييس تخصصها صَارَت تِلْكَ الْفُرُوع من مسَائِل الِاجْتِهَاد وَصَارَ طريقها الظَّن فصح أَنه لَيْسَ يطْلب الْمُجْتَهد فِي الْفُرُوع الظفر بالأدلة وَلَيْسَ بعد ذَلِك إِلَّا أَنه يطْلب الظفر بالأمارة وَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يجب عَلَيْهِ أَن يجْتَهد ويبذل مجهوده ليغلب على ظَنّه الأمارة الْأَقْوَى أَو لَا يجب عَلَيْهِ ذَلِك بل يجوز لَهُ أَن يقْتَصر على أول خاطر وَقد أجمع أهل الِاجْتِهَاد أَنه لَيْسَ لَهُ ذَلِك بل يَنْبَغِي أَن يستفرغ جهده ليغلب على ظَنّه أَن الأمارة أقوى من غَيرهَا أَو أَن الأمارات متعارضة إِن جَازَ ذَلِك وَأَجْمعُوا على أَنه لَا يجوز إِذا غلب على ظَنّه أَن الأمارة أقوى من غَيرهَا أَن لَا يعْمل عَلَيْهَا وَأَن يعْمل على الأمارات الأضعف فِي ظَنّه وَلِأَن أَضْعَف الأمارتين تجْرِي مَعَ أقواهما مجْرى الأمارة مَعَ الدّلَالَة وَإِن غلب على ظَنّه تعَارض الأمارات وَجَاز ذَلِك كَانَ مُخَيّرا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَن يحكم باحداهما أولى من الْأُخْرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>