للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّص إِلَى غير ذَلِك وَكَذَلِكَ تَرْجِيح خبر ثِقَة على خبر ثِقَة بِكَوْنِهِ أضبط وَأعرف بِالْقَصْدِ وَأَشد تدينا وتوقيا تَرْجِيح لَا يرجع إِلَى الظَّن بل يرجع إِلَى الأمارة وَيتَعَلَّق بهَا فان قيل أَلَيْسَ قد تتساوى العلتان فِي وُجُوه التَّرْجِيح فَلَا تفضل إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى قيل إِن صَحَّ ذَلِك كَانَ العَبْد فِيهَا مُخَيّرا وَلم يمْنَع ذَلِك كَون بعض الْعِلَل أوضح وَأقوى من غَيرهَا

وَإِذ قد بَينا أَن الْمُجْتَهد قد كلف أَن يظنّ الأمارة الْأَقْوَى وَيعْمل عَلَيْهَا فلننظر هَل يجوز أَن يكون الظَّن الَّذِي كلفه المجتهدون أَكثر من وَاحِد فَيجوز أَن يكون الْحق أَكثر من وَاحِد وكل مُجْتَهد مُصِيب أم لَا يجوز أَن يكون الظَّن الَّذِي كلفوه إِلَّا وَاحِدًا فَيمْتَنع أَن يكون كل مُجْتَهد مصيبا بل يكون الْحق وَاحِدًا فَقَط - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب فِي أَن إِصَابَة الْمُجْتَهدين فِي الْفُرُوع على اخْتلَافهمْ جَائِز غير مُمْتَنع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

اعْلَم أَن الْمُجْتَهدين إِذا اخْتلفُوا فِي الْأَحْكَام التابعة للأمارات كَانَ يجوز أَن تدل دلَالَة على أَن جَمِيعهم مصيبون لما كلفوه عِنْد كثير من النَّاس وَمنع آخَرُونَ من جَوَاز ذَلِك

وَاسْتدلَّ مانعو ذَلِك بأَشْيَاء

مِنْهَا أَنه لَو جَازَ أَن يكون المجتهدون فِي الْفُرُوع مصيبين جَازَ مثله فِي الْمُجْتَهدين فِي الْأُصُول على اخْتلَافهمْ وَهَذَا بَاطِل لأَنهم جمعُوا بَينهمَا بِغَيْر عِلّة وَالْفرق بَينهمَا هُوَ أَن معنى الْإِصَابَة يُمكن فِي الْفُرُوع وَلَا يُمكن فِي الْأُصُول لِأَن اعتقادي النَّفْي وَالْإِثْبَات المتنافيين لَا يكونَانِ علمين بل يكون أَحدهمَا جهل وَذَلِكَ يمْنَع من اجْتِمَاعهمَا فِي الْحسن والتكليف وَأما الْأَفْعَال المتضادة فَيصح أَن يجب على شَخْصَيْنِ أَو على شخص وَاحِد فِي وَقْتَيْنِ أَو على

<<  <  ج: ص:  >  >>