رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَنَائِم حنين فِي الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم يَوْم الْجِعِرَّانَة وَترك الْأَنْصَار لما رأى من الْمصلحَة، حَتَّى قَالَ قَائِلهمْ تقسم غنائمنا فِي النَّاس وسيوفنا تقطر من دِمَائِهِمْ، فَكَانَ الَّذِي دعاهم إِلَى الْإِنْكَار على مَا فعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قلَّة معرفتهم بِمَا رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْمصلحَة فِيمَا قسم، وَكَانَ أعظم من إِنْكَار من أنكر على عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ لِأَن مَال الْمُؤَلّفَة من الْغَنِيمَة فَلَا يلْزم عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ من إِنْكَار من أنكر عَلَيْهِ شَيْئا، إِلَّا مَا لزم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين رأى الْمصلحَة فِيمَا فعل، إقتداء بِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
فَإِن قَالَ قَائِل: إِنَّمَا الَّذِي أعْطى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْخمس.
قيل لَهُ: لَو كَانَ من الْخمس لما أنْكرت عَلَيْهِ الْأَنْصَار ذَلِك، وَلما قَالَت غنائمنا ولقال لَهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم أنكرتم إِنَّمَا أَعطيتهم من مَال الله، أَلا ترَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - استمال قُلُوبهم حِين قَالَ لَهُم: أَلا ترْضونَ أَن يذهب النَّاس بالأموال وَتَذْهَبُونَ برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى بُيُوتكُمْ قَالُوا: رَضِينَا.
١٩ - ١١٩ - حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَحْمد ثَنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الدبرِي عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ أَخْبرنِي أنس بن مَالك أَنا نَاسا قَالُوا يَوْم حنين حِين أَفَاء الله على رَسُوله أَمْوَال هوَازن فَطَفِقَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُعْطي رجلا من قُرَيْش الْمِائَة من الْإِبِل كل رجل مِنْهُم فَقَالُوا غفر الله لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُعْطي قُريْشًا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دِمَائِهِمْ.
قَالَ أنس: فَحدث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمقالتهم فَأرْسل إِلَى الْأَنْصَار فَجَمعهُمْ فِي قبَّة من آدم وَلم يدع مَعَهم أحدا غَيرهم فَلَمَّا اجْتَمعُوا جَاءَهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " مَا حَدِيث بَلغنِي عَنْكُم؟ " فَقَالَت الْأَنْصَار وَأما ذَوُو آرائنا فَلم يَقُولُوا شَيْئا، وَأما أنَاس منا حَدِيثَة أسنابهم فَقَالُوا كَذَا وَكَذَا للَّذي قَالُوا. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
إِنَّمَا أعطي رجَالًا حدثاء عهد بِكفْر أتألفهم وَقَالَ - لَهُم: أَفلا ترْضونَ أَن يذهب النَّاس بالأموال وترجعون برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى رحالكُمْ، فوَاللَّه لما تنقلبون بِهِ خيرا مِمَّا يَنْقَلِبُون قَالُوا أجل يَا رَسُول الله قد رَضِينَا فَقَالَ لَهُم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute