للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَعْنَاهُ أَن يشْهد مَا لَا يُمكنهُ الْعبارَة عَنهُ أَي التَّعْبِير عَنهُ لانه لَا يشْهد إِلَّا تَعْظِيمًا وهيبة فيمنعه ذَلِك عَن تَحْصِيل مَا شَاهد من الْحَال وأنشدونا لبَعْضهِم ... إِذا مَا بَدَت لي تعاظمتها

فأصدر فِي حَال من لم يرد

أَجِدهُ إِذا غبت عني بِهِ

وَأشْهد وجدي لَهُ قد فقد

فَلَا الْوَصْل يشهدني غَيره

وَلَا أَنا أشهده مُنْفَرد

جمعت وَفرقت بِهِ عني

ففرد التواصل مثنى الْعدَد

مَعْنَاهُ إِذا بَدَت الْحَقِيقَة غلب على التَّعْظِيم فأغيب فِي شَاهد التَّعْظِيم عَن شُهُود التَّحْصِيل فَأَكُون كمن لم يبد لَهُ وَإِنَّمَا يكون وجودي لَهُ إِذا غبت عني وَإِذا غبت فقد وجودي فحالة الْوَصْل الَّذِي هُوَ فنائي عني لَا يشهدني غَيره وَحَالَة الِانْفِرَاد وقيامي بصفتي يغييبني عَن شُهُوده فَكَأَن جمعي بِهِ فرقني عني فَيكون حَالَة الْوَصْل هُوَ أَن يكون الله عز وَجل مصرفي فَلَا أكون أَنا فِي أفعالي فَهُوَ الله تَعَالَى لَا أَنا

كَمَا قَالَ الله تَعَالَى لنَبيه {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى}

وَهَذَا لِسَان الْحَال ولسان الْعلم أَن الله مصرفي وَأَنا بِهِ متصرف فَيكون المعبود وَالْعَبْد

وَقَالَ بَعضهم التجلي رفع حجبة البشرية لَا أَن تتلون ذَات الْحق جلّ وَعز عَن ذَلِك وَعلا

والاستتار أَن تكون البشرية حائلة بَيْنك وَبَين شُهُود الْغَيْب

وَمعنى رفع حجبة البشرية أَن يكون الله تَعَالَى يقيمك تَحت موارد مَا يَبْدُو لَك من الْغَيْب لَان البشرية لَا تقاوم أَحْوَال الْغَيْب

والاستتار الَّذِي يعقب التجلي هُوَ أَن تستتر الاشياء عَنْك فَلَا تشاهدها

<<  <   >  >>