على مُؤمن
وَلما علمت قُرَيْش أَنه يُرِيد الِانْتِقَال اشتدت إذايتهم وَاتَّفَقُوا على مَنعه وَقَتله لَيْلَة خُرُوجه واجتمعوا فِي الظلمَة على بَابه فَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبِيَدِهِ حفْنَة تُرَاب وينثره على رؤوسهم بعد جلوسهم وَهُوَ يقْرَأ سُورَة يس إِلَى قَوْله لايبصرون
وَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ أَبُو بكر حَتَّى انْتهى إِلَى عَار بِأَسْفَل مَكَّة ثمَّ أَقَامَ فِيهِ ثَلَاثَة أَيَّام وَترك عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ يرد الودائع الَّتِي كَانَت عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقدم إِلَى الْمَدِينَة عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي جمَاعَة كَثِيرَة وَعُثْمَان وَغَيره بِأَرْض الْحَبَشَة
وَلما آيست قُرَيْش بعد الْبَحْث وَالْوُقُوف على الْغَار واستد بَابه بنسج العنكبوت وَعمارَة بالحمام ركب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَاحِلَته وَركب أَبُو بكر أُخْرَى ومعهما رجلَانِ عَامر بن فهَيْرَة مولى أبي بكر الصّديق وَدَلِيلهمَا عبد الله بن أريقط اللَّيْثِيّ
وَتَبعهُ من الْمُشْركين سراقَة فَارِسًا فَلَمَّا قرب وقفت بِهِ فرسه فِي وَحل من غير وَحل
فَقَالَ يَا مُحَمَّد ادْع الله لي وننصرف
ودعا لَهُ فارتفعت قَوَائِمهَا من الأَرْض وَرجع وَأسلم بعد ذَلِك سراقَة رَضِي لله عَنهُ
وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشقراطسي بقوله
(وَفِي سراقَة آيَات مبينَة ... إذساخت الْحجر فِي وَحل بِلَا وَحل)
وَقدم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة يَوْم الِاثْنَيْنِ الثَّامِن وَقيل الثَّانِي عشر لربيع الأول وَأقَام هُنَاكَ وَأسسَ مَسْجِد قبَاء
وطلبته الْقَبَائِل فِي النُّزُول فَقَالَ دَعُوهَا يَعْنِي النَّاقة فبركت عِنْد بَاب مَسْجده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنزل عِنْد أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ وَبنى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَسْجده ومساكنه فِي شهر صفر من السّنة الثَّانِيَة
وآخا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فِي أَوَاخِر سنة الْهِجْرَة وَأظْهر الله الدّين وَأمره بِقِتَال الْمُشْركين