[فصل]
وَفِي السّنة الْعَاشِرَة لَازم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِقَامَة بِالْمَدِينَةِ وجاءته وُفُود الْعَرَب من كل وَجه وَبعث رسله إِلَى مُلُوك الأَرْض وَنزلت عَلَيْهِ {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح}
وَقد أعلم أَنه نعى إِلَيْهِ نَفسه وَخرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى مَكَّة لخمس لَيَال بقيت من ذِي الْقعدَة وَلم يذكر للنَّاس وَأقَام النَّاس حجهم وَمَعَهُمْ من الْمُسلمين أَرْبَعُونَ ألفا
وَكَانَت الوقفة الْجُمُعَة بِاتِّفَاق
وَفِي ذَلِك الْيَوْم بِعَرَفَات نزل قَوْله تَعَالَى {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي}
وَتسَمى حجَّة الْوَدَاع لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وادع النَّاس فِيهَا تعريضا وَلم يحجّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد فرض الْحَج فِي السّنة التَّاسِعَة غير حجَّة الْوَدَاع فِي السّنة الْعَاشِرَة وَحج قبلهَا مرَّتَيْنِ تَطَوّعا وَاعْتمر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَربع مَرَّات عمْرَة الْحُدَيْبِيَة فِي ذِي الْقعدَة حَيْثُ صده الْمُشْركُونَ وَعمرَة ذِي الْقعدَة من عَام مقبل حَيْثُ صَالحهمْ وَعمرَة الْجِعِرَّانَة وَعمرَة مَعَ حجه
وَقَالَ عمْرَة فِي رَمَضَان كحجة
وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْعمرَة إِلَى الْعمرَة كَفَّارَة لما بَينهمَا وَالْحج المبرور لَيْسَ لَهُ جُزْء إِلَّا الْجنَّة)
وَقَالَ (من حج هَذَا الْبَيْت لم يرْفث وَلم يفسق رَجَعَ كَيَوْم وَلدته أمه)
وَلما بلغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّرف بِالسِّين الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء وَهُوَ اسْم مَكَان على أَمْيَال قريبَة من مَكَّة وَأمر النَّاس أَن يهلوا بِالْعُمْرَةِ إِلَّا من سَاق الْهَدْي مَعَه وَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكَّة محرما بِعُمْرَة وَحجَّة
وَقيل بِحجَّة وَقيل مُتَمَتِّعا
وَالصَّحِيح أَنه أحرم بِحجَّة ثمَّ أحرم بعد ذَلِك بِعُمْرَة أدخلها فِي الْحَج فَصَارَ قَارنا
وَأحرم عَليّ بن أبي طَالب بِمَا أحرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وشركه فِي الْهَدْي
وخطب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم عَرَفَة خطْبَة طَوِيلَة جليلة