للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمَدِينَة عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَكَانَت الْيَهُود قَالَت إِن كَانَ نَبيا فَيخرج إِلَى الشَّام أَرض الْأَنْبِيَاء وَمِنْهَا يَقع التَّمَكُّن بغزو الرّوم

فَنزل فِي تَبُوك قَوْله تَعَالَى {وَإِن كَادُوا ليستفزونك من الأَرْض} وَأمره جلّ وَعلا بِالرُّجُوعِ وَأخْبرهُ أَن مأمنه بِالْمَدِينَةِ وَبهَا يبْعَث فَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَإِنَّمَا سميت غَزْوَة الْعسرَة لِأَنَّهَا وَقعت فِي زمَان عسير وحر وَكثير وَتعذر الطُّهْر والزاد وَرُبمَا اقتسم التمرة الْوَاحِدَة رجلَانِ

وَكَانَ رُجُوع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شهر رَمَضَان من سنة تسع من الْهِجْرَة

وَفِي هَذِه السّنة أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر أَن يُقيم الْحَج بِالنَّاسِ وَهِي أول حجَّة كَانَت فِي الْإِسْلَام وكل فرض فبالمدينة نزل إِلَّا فرض الصَّلَاة فبمكة

وَالسَّبَب فِي حجه على مَا أخرجه السُّهيْلي وَغَيره أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما خرج إِلَى تَبُوك نقض الْمُشْركُونَ الْعَهْد الَّذِي كَانَ بَينهم وَبَين الْمُسلمين فِي الطّواف وَذكر مُخَالفَة الْمُشْركين للْمُسلمين فِي الطّواف وكونهم عُرَاة فِي طوافهم فَأمْسك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبعث أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ وَنزلت بعده سُورَة بَرَاءَة بِنَقص الْعَهْد وانكشفت سرائر الْمُشْركين

وَلذَلِك تسمى الفاضحة

فامر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَن يخرج بهَا ويقرأها على النَّاس يَوْم النَّحْر

فَرجع أَبُو بكر فَقَالَ يَا رَسُول الله مَا هَذَا

فَقَالَ (أردْت أَن يبلغ عني من هُوَ من أهل بَيْتِي) فَمضى وَأقَام أَبُو بكر الْحَج بِالنَّاسِ

وَفعل عَليّ مَا أمره بِهِ وَجعل الْمُشْركُونَ أَرْبَعَة أشهر من يَوْم النَّحْر ليرْجع كل وَاحِد إِلَى مامنه وَلَا عهد لَهُ بعد ذَلِك

وَأمر عَليّ أَبَا هُرَيْرَة أَن يطوف بالمنازل وَأَن يطوف بِأَرْبَع وَهِي لَا يدْخل الْجنَّة مُشْرك إِلَّا مُؤمن وَلَا يحجّ بعد هَذَا الْعَام مُشْرك وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَمن كَانَ لَهُ عهد فَلهُ أجل أَرْبَعَة أشهر ثمَّ لَا عهد لَهُ

فَقَالَ الْمُشْركُونَ إِذا انْقَضى الْأَجَل فَلَيْسَ بَيْننَا وَبَيْنكُم إِلَّا الطعْن بِالرِّمَاحِ وَالضَّرْب بِالسُّيُوفِ

فَخَالف الله ظنهم وَدخل النَّاس فِي الدّين أَفْوَاجًا افواجا

<<  <   >  >>