بعد ثَلَاثَة أَيَّام وَأنزل قَوْله تَعَالَى {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ}
وَأما الَّذين ثبتوا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم حنين فهم أَبُو بكر وَعمر وَالْعَبَّاس وَالْفضل ابْنه وَأَبُو سُفْيَان بن الْحَارِث ابْن عَمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ حابسا بلجام بغلته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ يُحِبهُ وَشهد لَهُ بِالْجنَّةِ وَكَانَ لَا يرفع رَأسه للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيَاء مِنْهُ لإذايته لَهُ قبل إِسْلَامه
وَكَانَ مَعَه ابْنه جَعْفَر بن أبي سُفْيَان بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَأُسَامَة بن زيد أَخُوهُ لأمه أَي من بن عُمَيْر
وَاسْتشْهدَ فِي ذَلِك الْيَوْم وَثَبت أَيْضا أَبُو طَلْحَة الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنْهُم
وَفِي هَذَا الْيَوْم قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لصوت أبي طَلْحَة فِي الْجَيْش خير من مائَة رجل وانشد الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب
(نصرنَا رَسُول الله فِي الْحَرْب سَبْعَة ... وفر من فر فاقشعوا)
(وثامننا لَقِي الْحمام بِسَيْفِهِ ... فِيمَا مَسّه وَهُوَ لَا يتوجع)
وَلما فرغ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من غَزْوَة حنين غزا غَزْوَة الطَّائِف وَهِي الثَّامِنَة من الْهِجْرَة وَنزل قَرِيبا من الطَّائِف وحصرهم أَيَّامًا من الشَّهْر وَرَمَاهُمْ بالمنجنيق وَقطع عَنْهُم وَدخل قوم من الْمُسلمين تَحت جِدَار الطَّائِف للنقب فأرسلوا عَلَيْهِم سِكَك الْحَدِيد محماة بالنَّار فَخَرجُوا وَقتل بَعضهم بِالسِّهَامِ وهرب من الطَّائِف مَالك بن عَوْف النضري الَّذِي آوى إِلَيْهِم فِي هزيمَة هوَازن وَأسلم
ورد عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَهله وَمَاله وزاده مائَة من الْإِبِل وَقدمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على من أسلم من قومه فَكَانَ يُقَاتل بهم ثَقِيف
وَأعْطى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من سبي هوَازن عَطاء جزيلا
أعْطى الْمُؤَلّفَة مائَة بعير كل إِنْسَان وَأعْطى الْعَبَّاس بن مرداس الشَّاعِر مائَة ثمَّ زَاده وَقَالَ أقطعوا عني لِسَانه يَعْنِي بالعطاء وَكَانَ من الْمُؤَلّفَة أشرار من النَّاس يتآلفهم بالعطاء
ويحبب لَهُم الْإِسْلَام مثل أبي سُفْيَان بن حَرْب وَابْنه مُعَاوِيَة وَحَكِيم بن حزَام وَصَفوَان بن أُميَّة