للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان على أشداقه نور حبوة ... إذا هو مد الجيد منه ليطعما

" ذو الرمة ": فارس أهل ذلك العصر في معاني الغوص لتولعه بالتشبيه والتمثيل وحسن التخيل وهو رئيس المشبهين الإسلاميين وحكى الحجازي في الحديقة أنه كان يقول: إذا قلت كان ولم أجد منها مخلصاً فقطع الله لساني. ومن عجائب تشبيهاته قوله:

كأن ألوف الطير في عرصاتها ... خراطيم أقلام خط وتعجم

وقوله:

كأنما عينها منها وقد ضمرت ... وضمها الليل في بعض الأضى ميم

وقوله:

قف العيس في إطلال مية وأسأل ... رسوماً كأخلاق الرداء المسلسل

أظن الذي يجدي عليك سؤالها ... دموعاً كتبديد الجمان المفصل

وقوله:

وما شنتا خرقاء واهية الكلى ... سقى بهما ساق ولما تبللا

بأضيع من عينيك للدمع كلما ... توهمت رسماً أو تأملت منزلاً

وقوله في المطرب:

ولما تواقفنا جرت من عيوننا ... دموع كففنا غربها بالأصابع

ونلنا سقيطاً من حديث كأنه ... جنى النحل ممزوجاً بماء الوقائع

" أرطاة ب شهبة ": كان إبن الإعرابي يتعجب من قوله في إحالته على سن الهرم:

فقلت لها يا أم بيضاء أنه ... هريق شبابي وأستشن أديمي

وهذا من أرفع المرقصات طبقة: " مضرس بن ربعي ": من التشبيهات العقم ندهم قوله في نعامة:

صفراء عارية الأشاجع رأسها ... مثل المدق وانفها كالمبرد

" مطير بن الأشئم ": من التشبيهات العقم عندهم قوله:

تظل فيه بنات الماء طافية ... كأن أعينها أشباه خيلان

" جميل بن عبد الله بن معمر ": له في المرقص قوله:

يضم على الليل أطراف حبها ... كما ضم أطراف القميص البنائق

وفي المطرب قوله:

ذكرتك بالديرين يوماً فأشرفت ... بنات الهوى حتى بلغن التراقيا

ما زلت بي يا بثن حتى لو أنني ... من الوجد أستبكي الغمام بكاليا

وقوله:

إذا ما رأوني طالعاً من ثنية ... يقولون من هذا وقد عرفوني

" مرو بن أبي ربيعة ": إشتهر عند الناس بحلاوة المنزع في الغزل وهو إمام تلك الطريقة وأكثر شعره من طبقة المقبول ووقع له في المطرب قوله:

ولما توافقنا وسلمت أشرقت ... وجوه زاهاها الحسن أن تتقنعا

وقربن أسباب الهوى لمنيم ... يقيس ذراعاً كلما قسن أصبعا

وقوله في النحول:

قليل على ظهر المطية ظله ... سوى ما نفى عنه الرداء المحبر

وقوله:

وهي مكنونة حير منها ... في أديم الخدين ماء الشباب

" مجنون ليلى ": شعره كان في الغزل عارياً من التشبيهات فإنه لم يخل في طريقه حسن الغوص والتخيل على ما يأخذ بجامع القلوب كقوله في المرقص:

متى يشفي منك الفؤاد المعذب ... وسهم المنايا من وصالك أقرب

بعاد وهجر وأشتياق ولوعة ... وأنت تدنيني ولا أنا أقرب

كعصفورة في كف طفل يضمها ... تذوق حياض الموت والطفل يلعب

فلا الطفل ذو عقل يرق لما بها ... ولا الطير ذو ريش يطير فيذهب

ولي ألف وجه قد عرفت مكانه ... ولكن بلا قلب إلى أين أذهب

وقوله:

وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى ... فهيج أشجان الؤاد، وما يدري

دعا بإسم ليلى غيرها فكأنما ... أثار بليلى طائراً كان في صدري

وقوله:

كأن القلب قيل يغدي ... بليلى عامرية أو يراح

قطاة غرها شرك فباتت ... تجاذبه وقد علق الجناح

فلا بالليل نالت ما تمنيت ... ولا بالصبح كان لها سراح

وله في طبقة المطرب قوله في معظم قصيدته المشهورة التي منها:

وقد خبروني أن تيماء منزل ... لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا

فهذي شهور الصيف عنا ستنقضي ... فما للنوى ترمي بليلى المراميا

أعد الليالي ليلة بعد ليلة ... وقد عشت دهراً لا أعد اللياليا

وأخرج من بين البيوت لعلني ... أحدث عنك النفس بالليل خالياً

<<  <   >  >>