حدثني أحمد بن محمد الرازي أبو عبيد الله قال: حدثني أبو بجير قال: كان إبن مناذر يجلس إلى إسكافي بالبصرة فلا يزال يهجوه بالأبيات فيصيح من ذلك ويقول له: أنا صديقك فأتقِ الله وأبقِ على الصداقة وإبن مناذر يلح، فقال الإسكاف: فإني أستعين الله عليك وأتعاطى الشعر، فلما أصبح غدا عليه إبن مناذر كما كان يفعل فأخذ يعبث به ويهجوه، فقال الإسكافي:
كثرت أبوّته وقلّ عديده ... ورومى القضاء به فراش مناذر
عبد الصبيريين لم تك شاعراً ... كيف إدعيت اليوم نسبه شاعر
فشاع هذان البيتان بالبصرة ورواهما أعداؤه وجعلوا يتناشدونهما إذا رأوه، فخرج من البصرة إلى مكة وجاور بها كان هذا سبب هربه من البصرة.
أخبرني عمي قال: حدثنا الكرّاني عن أبي حاتم قال: قال إبن مناذر: ما مرّ بي شيء قط أشد عليّ مما مرّ بي من قول أبي العسعاس فيّ:
كثرت أبوته وقل عديده ... ورمى القضاء به فراش مناذر
أنظر بكم صنف قد هجاني في هذا البيت قبحه الله ثم منعني من مكافأته أني لم أجد له نباهة أغضها ولا شرفاً فأهدمه ولا قدراً فأضعه.
أخبرني عمي قال: حدثني اكرني قال: حدثني بشر بن دحية الزيادي أبو معاوية فقال: سمعت إبن مناذر يقول أن الشعر ليسهل عليّ لو شئت أن لا أتكلم إلا بشعر لفعلت.
أخبرني هاشم بن محمد الخزاعي قال: حدثنا العباس ين ميمون طابع قال: حدثني بعض أصحابنا قال: رأيت إبن مناذر بمكة وهو يتوكأ على رجل يمشي معه وينشد:
إذا ما كنت أشكوها ... إلى قلبي لها شفعا
ففرّق بيننا دهر ... يفرّق بين ما إجتمعا
فقلت إن هذا لا يشبه شعرك فقال إن شعري برد بعدك.
أخبرني عيسى بن الحسين اورّاق قال: حدثنا ابو أيوب امدني قال: حدثنا بعض أصحابنا أن محمد بن عبد الوهاب الثقفي تزوج إمرأة من ثقيف يقال لها عمارة، وكان إبن مناذر يعاديه فقال في ذلك:
لما رأيت القصف والشاره ... والبز قد ضاقت به الحاره
والآس لمن ذا قيل أعجوبة ... محمد زوج عمّارة
لا عمّر الله بها ربعه ... فإن عمّارة بذكاره
ويحك فرّي وأعصبي فاك لي ... فهذه أختك فرّاره
قال: فو الله ما لبثت عنده إلا مديدة حتى هربت وكانت لها أخت قبلها متزوجة إلى بعض أهل البصرة فتركته وهربت منه فكانوا يعجبون من موافقة فعلها قول إبن مناذر.
قال أبو أيوب: وحدثت أن أمية وأسمه خالد، وهو الذي يقول فيه أبو نواس:
أيها المقبلان من حكيمان ... كيف خلفتما أبا عثمان
وأبا أمية المهذب وألما ... جد المرتجى لريب الزمان
كان خطب امرأة من ثقيف ثم من ولد عثمان بن أبي العاص فرّد عنها وتصدّى للقاضي أن يضمنه مالاً من أموال اليتامى فلم يجبه إلى ذلك ولم يثق به، فقال فيه إبن مناذر:
ابا أمية لا تغضب عليّ فما ... جزاء ما كان فيما بيننا الغضب
إن كان ردّك قوم عن فتاتهم ... ففي كثير من الخطاب قد رغبوا
قالوا عليك ديون ما تقوم بها ... في كل عام بها تتحدث الكتب
وقد تفعم من خمسين غايتها ... مع أنه ذو عيال بعدما إنشعبوا
في التي فعل القاضي فلا تجدن ... فليس في تلك لي ذنب ولا ذنب
أردت أموال اليتامى تضمنها ... وما يضمن إلا من له نشب
عن الأغاني مجلد تاسع جزء ١٧ و١٨ صفحة ٩ - ١٠ * * *
[نسب المتوكل الليثي وأخباره مع الجارية أميمة]
هو المتوكل بن عبد الله بن نهثل بن مسافع بن وهب بن عمرو بن لقيط بن يعمر بن عوف بن عامر من شعراء الإسلام، وهو من أهل الكوفة. كان في عصر معاوية وغبنه يزيد ومدحهما ويكنى أبا جهمة، وقد إجتمع مع الأخطل وناشده عند قبيضة بن والق ويقال عند عكرمة بن ربعي الذي يقال هـ الفياض فقدّمه الأخطل. وهذه القصيدة التي في أولها الغناء قصيدة هجا بها عكرمة إبن الربعي وخبره معه يذكر بعد.
أخبرني بذلك الحسن بن علي عن أحمد بن سعد الدمشقي عن الزبير بن بكار عن عمه. وأخبرني الحسن بن علي عن أحمد بن سعيد الدمشقي قال: