فبينما هو يطوف في الموسم إذ رآه شخص من بني الحرث فوقعت بينهما إلفة فأخبره بالحال وغياب المرأة فأعلمه بمكانها فقال عمرو: هل لك في صنيعة يحسن شكرها قال نعم قل، فقال عمرو: ليتخلف كلٌ منا أصحابه بعد النفر ثم نسير إلى مكان يقرب منها وتمضي أنت فتعلمها بمكاني ففعلا، ومضى به الرجل حتى جعله قي بيته وذهب فأعلم بيا فكانت تأتيه فيتحادثان ويتشاكيان ما لقيا من الوجد، فانكر زوجها غشيانها المنزل من غير عادة وحسن حالها بعد ما كانت فيه من الضجر فأظهر لها سفراً يغيب فيه عشراً، ثم عاد بعد ليلتين وقد فرشت لعمرو بساطاً أمام البيت وتحادثا فنام كلٌ على طرف من البساط آمناً، فنبه عمراً فثار عليه بالسيث فقال من ينجيني منك يا عمرو وأنا لم اهرب هنا إلا منك، فقال: يا إبن العم، والله لم يكن بيننا أكثر من الحديث وإنما غلب عليّ حبها من الصغر.
[مجنون بني عامر مع ليلاه]
هو على ما يقوله من صحح نسبه وحديثه قيس وقيل مهديّ والصحيح قيس إبن الملوح بن مزاحم بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.
ومن الدليل على أن إسمه قيس قول ليلى صاحبته فيه:
ألا ليت شعري والخطوب كثيرة ... متى رحل قيس مستقل فراجع
وأخبرني الحسن بن علي قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: سمعت من لا أحصي يقول إسم المجنون قيس بن الملوح.
وأخبرني بن محمد الخزاعي قال: حدثنا الرياشي وأخبرني الجوهري عن عمر إبن شبة أنهما سمعا الأصمعي يقول وقد سئل عنه لم يكن مجنوناً ولكن كانت به لوثة كلوثة أبي النميري.
وأخبرني حبيب بن نصر المهلبي وأحمد بن عبد العزيز الجوهري عن إن شبة عن الخزاعي قال: حدثني أيوب عن عبابة قال: سألت بني عامر بطناً طناً عن مجنون بني عامر فما وجدت أحداً يعرفه.
وأخبرني عمي قال: حدثنا أحمد بن الحرث عن المدائني عن إبن دأب قال قلت لرجل من بني عامر أتعرف المجنون وتروي من شعره شيئاً، قال: أوقد فرغنا من شعر العقلاء حتى نروي أشعار المجانين، إنهم كثر، فقلت: ليس هؤلاء أعني إنما أعني مجنون بني عام الشاعر الذي قتله العشق، فقال هيهات، بنو عامر أغلظ أكباداً من ذاك، إنما يكون هذا في هذه اليمانية الضعاف قلوبها السخيفة عقولها الصلعة رؤوسها، فأمر نزار فلا ثم قال: أخبرني الحسين بن يحيى وأبو الحسن الأسدي قالا: حدثنا حماد إبن إسحق عن أبيه قال إسم قيس بن معاذ أحد بني جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.
وأخبرني أبو سعيد علي بن زكريا العدوي قال: حدثنا حماد بن طالوت إن عباد أنه سأل الأصمعي عنه فقال لم يكن مجنوناً بل كانت به لوثة أحدثها العشق فيه كان يهوى إمرأة من قومه يقال لها ليلى وإسمه قيس بن معاذ. وذكر عمرو بن أبي عمرو الشيباني عن أبيه أن إسمه قيس بن الملوح.
قال أبو عمرو الشيباني: وحدثني رجل من أهل اليمن انه رآه ولقيه وسأله عن إسمه ونسبه فذكر أنه قيس بن الملوح، وذكر هشام بن محمد الكلبي أنه قيس بن الملوح وحدّث أن أباه مات قبل إختلاطه فعقر على قبره ناقته وقال في ذلك:
عقرت على قبر الملوح ناقتي ... بذي السرح لما أن جفاه الأقارب
وقلت لها كوني عقيراً فإنني ... غداً راجلٌ أمشي وبالأمس راكب
فلا يبعدنك الله يا إبن مزاحمٍ ... فكل بكأس الموت لا شك شارب
وذكر إبراهيم بن المنذر الحزاسي وأبو عبيدة معمر بن المثنى أن إسمه البحتري إبن الجعد. وذكر مصعب الزبيري والرياشي وأبو العالية أن إسمه الأقرع بن معاذ، وقال خالد بن كلثوم إسمه مهدي بن الملوح.
وأخبرني الأخفش عن السكري عن أبي زيد الكلابي قال: ليلى صاحبة المجنون هي ليلى بنت سعد ن مهدي بن ربيعة بن الحريش بن كعب إبن ربيعة إبن عامر بن صعصعة.
أخبرني محمد بن خلف وكيع قال: حدثنا أبو قلابة الرشاقي قال: حدثني عبد الصمد بن المعزل قال: سمعت الأصمعي وقد تذاكرنا مجون بني عامر يقول لم يكن مجنوناً إنما كانت به لوثة وهو القائل:
أخذت محاسن كل ما ... ضنت محاسنه بحسنه
كاد الغوال يكونها ... لولا الشوى ونثوز قرنه
وأخبرني عمر بن عبد الله بن جميل العتكي قال: