للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدثني هرون بن محمد عبد الملك قال: أخبرني هرون بن مسلم قال: حدثني حفص بن عمر العمري عن لقيط بن بكير المحاربي قال: قدم الأخطل الكوفي فنزل على قبيصة بن والق فقال المتوكل ن عبد الله الليثي لرجل من قومه: إنطلق بنا إلى الأخطل نستنشده ونسمع من شعره فأتياه فقالا أنشدنا يا أبا مالك فقال: إني لخاثر يومي هذا، فقال له المتوكل: أنشدني أيها الرجل فوالله لا تنشدني قصيدة إلا أنشدتك مثلها أو أشعر منها من شعري. قال ومن أنت، قال أنا المتوكل، قال: أنشدني ويحك من شعرك، فأنشده:

للغانيات بذي المجاز رسوم ... فببطن مكة عهدهن قديم

فبمنحر البدن المقلد من منى ... حلل تلوح كأنهن نجوم

لا تنهِ عن خلق وتأتي مثله ... عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ

والهمّ إن لم تمضهِ لسبيله ... داءٌ تضمنه الضلوع مقيم

غنّى في هذه الأبيات سائب خائر من رواية حماد عن أبيه ولم يجنسه. قال: وأنشده أيضاً:

الشعر بّ المرء بعرضه ... والقول مثل مواقع النبل

منها المقصر عن رميته ... ونوافذ يذهبن بالخصل

قال: وأنشده أيضاً:

إننا معشرٌ خلقنا صدوراً ... من يسوّي الصدور بالأناب

فقال له الأخطل: ويحك يا متوكل، لو نبحت الخمر في جوفك كنت أشعر الناس.

قال الطوسي: قال الأصمعي: كانت للمتوكل بن عبد الله الكناني امرأة يقال لها رهيمة ويقال أميمة وتكنى أم بكر فأقعدت فسألته الطلاق فقال: ليس هذا حين طلاق، فأبت عليه فطلقها. ثم أنها برئت بعد الطلاق فقال في ذلك:

طربت وشاقني يا أم بكر ... دعاء حمامة تدعو حماما

فبتّ وبات مي لي نجيباً ... أعزي عنكِ قلباً مستهاما

إذا ذكرت لقلبك أم بكر ... يبيت كأنما إغتبق المداما

خدلجة ترف غروب فيها ... وتكسو المتن ذا خصل شحاما

أبى قلبي فما يهوى سواها ... وإن كانت مودتها غراما

ينام الليل كل خلي همٍ ... ويأتي العين منحدر سجاما

على حين أرعويت وكان رأسي ... كأن على مفارقه ثغاما

سعى الواشون حتى أزعجوها ... ورث الحبل فأنجذم إنجذاما

فلست بزائل ما دمت حياً ... مسراً من تذكرها هياما

ترجيها وقد شحطت نواها ... ومنّتك المنى عاماً فعاما

خدلجة لها كفل وثير ... يتوء بها إذا قامت قياما

مخضرة ترى في الكشح منها ... على تثقيل أسفلها إنهضاما

إذا إبتسمت تلألأ ضوء برقٍ ... تهلهل في الدجنة ثم داما

وإن قامت تأمل راثياها ... غمامة صيف ولجت غماما

إذا تشي تقول دبيب شولٍ ... تعرّج ساعة ثم إستقاما

وإن جلست فدمية بيت عيدٍ ... تصان ولا تُرى إلا لماماً

فلو أشكو الذي أشكو إليها ... إلى حجر لراجعني الكلاما

أحب دلوّها وتحب نأبي ... وتعتام التنائي لي إعتياماً

كأني من تذكر أم بكرٍ ... جريج أسنةٍ يشكو كلاما

تساقط انفساً نفسي عليها ... إذا شحطت وتغتم إغتماما

غشيت لها منازل مقفرات ... عفت إلا الأباصر والثماما

ونؤيا قد تهدم جانباه ... ومبناه بذي سلم خياما

صليني وأعلمي إني كريم ... وأن حلاوتي خلطت غراما

وإني ذو مجامحة صليبٌ ... خلقت لمن يماسكني لجاما

فلا وأبيك لا أنساكِ حتى ... تجاوب هامتي في القبر هاما

والقصيدة التي فيها الغناء المذكور في أول خبر المتوكل يقول أيضاً في امرأته هذه ويمدح فيها حوشيا الشيباني ويقول فيها:

إذا وعدتك معروفاً لوته ... وعجّلت التجرم والمطالا

لها بشرٌ نقي اللون صافِ ... ومتن خطَ فأعتدل إعتدالا

إذا تمشي تأود جانبها ... وكاد الخصر يخزل إنخزالا

<<  <   >  >>