للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أخبرني محمد بن جعفر قال: حدثني أحمد بن القاسم عن أبي هفان عن الجمازو واليويو وأصحاب أبي نواس أن جنان وجهت إليه قد شهرتني فأقطع زيارتك عني أياماً لينقطع بعض القالة، ففعل وكتب إليها:

إنا إهتجرنا للناس إذ فطنوا ... وبيننا حين نلتقي حسن

ندافع الأمر وهو مقتبل ... فشب حتى عليه قد مرنوا

فليس يقذي عيناً معاينة ... له وما أن تمجه إذن

ويح ثقيف ماذا يضرهم ... إن كان لي في ديارهم سكن

أريب ما بيننا الحديث فإن ... زدنا فزيد واوِ ما لذا ثمن

أخبرني الحسن بن علي قال: حدثنا إبن مهرويه قال حدثني إبن أبي سعد قال: بلغني أن أبا نواس كتب إلى جنان من بغداد:

كفا حزناً أن لا أرى وجه حيلة ... أزور بها الأحباب في حكمان

وأقسم لولا أن تنال معاشر ... جناناً بما لا أشتهي لجنان

لأصبحت منها داني الدار لاصقاً ... ولكن ما أخشى فديت عداني

فوا حزناً حزناً يؤدي إلى الردى ... فأصبح مأثوراً بكل لسان

أراني أنقضت أيام وصلي منكم ... وآذن فيكم بالوداع زماني

أخبرني الحسن قال: حدثنا إبن مهرويه عن يحيى بن محمد عن الخزيمي قال: بلغ أبا نواس أن إمرأة ذكرت لجنان عشقه لها فشتمته جنان وتنقصته وذكرته لأقبح الذكر، فقال:

وباب من إذا ذكرت له ... وطول وجدي به تنقصني

لو سألوه عن وجه حجته ... في سبه لي لقال يعشقني

نعم إلى الحشر والتناد نعم ... أعشقه أو ألفّ في كفني

أصبح جهراً لا أستسرّ به ... عنقي فيه من يعنفني

يا معشر الناس فأسمعوه وعوا ... أن جناناً صديقة الحسن

فبلغها ذلك فهجرته وأطالت هجره، فرآها ليلة في منامه وأنها قد صالحته فكتب إليها:

إذا إلتقى في النوم طيفانا ... عاد الوصل كما كانا

يا قرة العين فما بالنا ... نشقى ويلتذ خيالانا

لو شئت إذ أحسنت لي في الكرى ... أتممت إحسانك يقظانا

يا عاشقين إصطلحا في الكرى ... وأصبحا غضبى وغضبانا

كذلك الأحلام غدّارة ... وربما تصدق أحيانا

الغناء في هذه الأبيات لإبن جامع ثقيل أول بالوسطى عن عمر وقال الخزيمي ورآها يوماً في ديار ثقيف فجبهته بما كره فغضب وهجرها مدة، فأرسلت إليه رسولاً تصالحه فردّه ولم يصالحها، ورآها في النوم تطلب صلحه فقال:

دست له طيفها كيما تصالحه ... في النوم حين تأبى الصلح يقظانا

فلم يجد عند طيفي طيفها فرجاً ... ولا رنى لتشكيه ولا لنا

حسبت أن خيالي لا يكون لما ... أكون من أجله غضبان غضبانا

جنان لا تسأليني الصلح سرعة ذا ... فلم يكن هيناً منك الذي كانا

وأنشدني علي بن سليمان الأخفش لأبي نواس في جنان:

أما يفنى حديثك عن جان ... ولا تبقى على هذا اللسان

أكل الدهر قلت لها وقالت ... فكم هذا أما هذا بفان

جعلت الناس كلهم سواء ... إذا حدثت عنها في البيان

عدوك كالصديق وذا كهذا ... سواء والأباعد كالأداني

إذا حدثت عن شأن توالت ... عجائبه أتيتهم بشأن

فلو موّهت عنها بإسم أخرى ... علمنا إذ كنيت من أنت عان

أخبرني الحسن بن علي قال: حدثني يحيى بن محمد السلمي قال: حدثني أبو عكرمة الضبي أن رجلاً قدم البصرة فأشترى جنان مواليها ورحل بها، فقال أبو نواس في ذلك:

أما الديار فقلّ ما لبثوا بها ... بين إستباق العيس والركبان

وضعوا سياط الشوق في أعناقها ... حتى أطلعن بهم على الأوطان

أخبرني عيسى بن الحسين الورّاق قال: حدثني محمد بن سعد الكراتي قال حدثني أبو عثمان الأشتانذاني قال: كتب أبو نواس إلى جنان:

أكثري المحو في كتابك وأمحيه إذا ما محوته باللسان

<<  <   >  >>