للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كمديم لحب تسخن فيه ... عينه أكثر مما تقر

قلت لذا اللائم فيها أله عنها ... لا يقع بيني وبينك شر

أتراني مقصراً عن هواها ... كل مملوك إذاً لي حرّ

وقال فيها أيضاً وأنشدناه الأخفش عن المبرد، وأنشدنا محمد بن العباس اليزيدي قال أنشدني عمي عبيد الله لأبي عيينة:

جئت قالت دنيا علامَ نهاراً ... زرت هلا إنتظرت وقت المساء

كنت معجباً برأيك لا تفرق ... فأستحي يا قليل الحياء

ذاك إذ روحها وروحي مزاجا ... ن كأصفى خمر بأعذب ماء

قال محمد بن يزيد وقد أخذ هذا المعنى غيره منه ولم يسمه وهو البحتري فقال:

جعلت حبك من قلبي بمنزلة ... هي المصافاة بين الماء والراح

تهتز مثل إهتزاز الغصن حرّكه ... مرور غيث من الوسمي سحاح

الغناء في هذين البيتين لرداد ثقيل أول في مجرى البنصر، ومما قاله أبو عيينة في فاطمة هذه وكنى فيه بدنيا قوله:

ألم تنه قلبك أن يعشقا ... وما ك والعشق غير الشقا

أمن بعد شربك كأس النهى ... وشك ريحان أهل التقى

عشقت فأصبحت في العالمين ... أشهر من فرس إبلقا

أدنياي من خمر بحر الهوى ... خذي بيدي قبل أن أغرقا

أنا إبن المهلب ما مثله ... لو أن إلى الخلد لي مرتقى

غنى فيه أبو العبيس بن حمدون ولحنه ثان ثقيل مطلق وفيه لعريب ثقيل أول رواه أبو العبيس عنها، وهذه قصيدة طويلة يذكر فيها دنيا ويفخر بعقب النسيب بأبيه ويذكر مآتر الملهب بالعراق، ولكن مما قاله في دنيا منها قوله: في المرقص

أدنياي من غمر بحر الهوى ... خذي بيدي قبل أن أغرقا

أنا لك عبد فكوني كمن ... إذا سرّه عبده أعنقا

ألم أخدع الناس عن وصلها ... وقد يخدع العاقل إلا حمقا

بلى فسبقتهم أنني ... أحب إلى الخيران أسبقا

ويوم الجنازة إذا أرسلت ... على رقعة أن جز الخندقا

وعج ثم فأنظر لنا مجلساً ... برفق وإياك أن تخرقا

فجئنا كغصنين من بانة ... فرينين خدنين قد أورقا

فقال لأخت لها إستنشديه ... من شعره المحكم المنتقى

فقلت أمرت كتمانه ... وحذرت إن شاع أن يسرقا

فقالت بعيشك قولي له ... تمنع لعلك أن تنفقا

ومن مشهور قوله في دنيا وهو مما تهتك فيه وصرّح وأفحش، وهي من جيد قوه قصيدته التي يقول فيها:

أنا الفارغ المشغول والشوق آفتي ... فلا تسألوني عن فراغي وعن شغلي

عجبت لترك الحب دنيا خاية ... وإعراضه عنها وإقباله قبلي

وما بالها لما كتبت تهاونت ... بكتبي وقد أرسلت فأنتهرت رسلي

وقد حلفت أن لا تخط بكفها ... إلى قابل خطاً إليّ ولا تملي

أبخلاً علينا كل ذا وقطيعة ... قضيت لدينا القطيعة والبخل

سلوا قلب دنيا كيف أطلقه الهوى ... فقد كان في غل وثيق وفي كبل

فإن جحدت فأذكر لها قصر معبد ... بمنصف ما بين الأبلة والحبل

وملعبنا في النهر والماء زاخر ... قرينين كالغصنين فرعين في أصل

ومن حولنا الريحان غضاً وفوقنا ... ظلال من الكرم المعرش والنخل

إذا شئت مالت بي إليها كأنني ... إلى غصن بان بين دعصين من رمل

ليالي ألقاني الهوى فأستضفتها ... فكانت ثناياها بلا حشمة نزلي

وكم لذة لي في هواها وشهوة ... وركضي إليها راكباً وعلى رجلي

وفي متم المهدي زاحمت ركنها ... ركني وقد وطنت نفسي على القتل

وبتنا على خوف أسكن قلبها ... بيسراي واليمنى على قائم النصل

فيا طيب طعم العيش إذ هي جارة ... وإذ نفسها وإذ أهلها أهلي

وإذ هي لا تعتل عني برقبة ... ولا خوف عين من وشاة ولا بعل

<<  <   >  >>