للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم خرج بها مولاها إلى أفريقية، فلما كان بعدما وليّ يزيد إشتراها وروى حماد عن أبيه عن المدائني عن جرير المديني ورواه الزبير بن بكار عن إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه قال: قال لي يزيد بن عد الملك: ما تقرّ عيني ما أوتيت من الخلافة حتى أشتري سلامة جارية مصعب بن سهيل الزهري وحبابة جارية لاحق المكية فأرسل فأشريتا له، فلما إجتمعتا عنده قال: أنا الآن ما قال القائل:

فألقت عصاها وأستقر بها النوى ... كما قرّ عيناً بالإياب المسافر

قال إسحق: وحدثني أبو أيوب بن عباية قال: كانت حبابة لآل رمانة ومنهم أبتيعت ليزيد.

اخبرنا الحسن بن علي قال: حدثنا هرون بن محمد بن عبد الملك الزيات قال: حدثني الزبير بن بكار قال: أخبرني محمد ن سلمة عن إبن ماقية عن شيخ من أهل ذي خشب قال: خرجنا نريد ذا خشب ونحن مشاة فإذا قبة فيها جارية وإذا هي تغني:

سلكوا بطن مخيض ... ثم ولوّا راجعينا

أورثوني حين ولوّا ... طول حزن وأنينا

قال: فسرنا حتى أتينا خشب فخرج رجل معها فسألناه وإذا هي حبابة جارية يزيد، فلما صارت إلى يزيد أخبرته بنا فكتب إلى والي المدينة أن يعطي كل واحد منا ألف درهم.

أخبرني أحمد بن عبيد الله بن عمار قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني إسحق عن المدائني وروى هذا الخبر حماد بن إسحق عن أبيه عن المدائني وخبره أتم أن حبابة كانت تسمى العالية وكانت لرجل من الموالي بالمدينة فقدم يزيد بن عبد الملك في خلافة سليمان فتزوج سعدة بنت عبد الله بن جعفر على مثل ذلك وأشترى العالية بألف دينار، فبلغ ذلك سليمان فقال: لأجرن عليه، فبلغ يزيد قول سليمان فأستقال مولى حبابة ثم إشتراها بعد ذلك رجل من أهل أفريقيا، فلما ولي إشترتها سعدة إمرأته وعلمت أنه لا بد طالبها ومشتريها، فلما حصلت عندها قالت له: هل بقي عليك من الدنيا شيء لم تنله فقال: نعم العالية، فقالت: هذه هي وهي لك، فسماها حبابة وعظم قدر سعدة عنده، ويقال إنها أخذت عليها قبل أن تهبها له أن وطيء لإبنها عنده في ولاية العهد وتحضرها بما تحب، وقيل أن أم الحجاج أم الوليد بن يزيد هي التي إبتاعتها له وأخذت عليها ذلك فوفت لها بذلك.

هكذا ذكر الزبير فيما أخبرنا به الحسن بن علي عن هرون بن محمد عنه عن عمه قال: ومن زعم أن سعدة إشترتها فقد أخطأ.

قال المدائني: ثم خطب يزيد إلى أخيها خالد بنت أخ له فقال: أما يكفيه أن سعدة عنده حتى يخطب إليّ بنات أخي. وبلغ يزيد فغضب فقدم عليه خالد يسترضيه، فبينا هو في فسطاطه إذ أتته جارية لحبابة في خدمها فقالت له: أم داود تقرأ عليك السلام وتقول لك قد كلمت أمير المؤمنين فرضي عنك، فقال: من أم داود، فأخبره من معها أنها حبابة وذكر له قدرها ومكانها من يزيد، رفع رأسه إلى الجارية فقال: قولي لها أن الرضا عني بسبب لست به، فشكت ذاك إلى يزيد فغضب وأرسل إلى خالد فلم يعلم بشيء حتى أتاه رسول حبابة فيمن معه من الأعوان فأقتلعوا فسطاطه وقلعوا أطنابه حتى سقط عليه وعلى أصحابه فقال: ويلكم ما هذا، قالوا: رسل حبابة، هذا ما صنعت بنفسك، فقال ما لها أخزاها الله ما أشبه رضاها بغضبها.

قال إسحق: وحدثني محمد بن سلام عن يونس بن حبيب أن يزيد بن عبد الملك إشترى حبابة وكان إسمها العالية بأربعة آلاف دينار، فلما خرج بها قال الحرث إبن خالد فيها:

ظعن الأمير بأحسن الخلق ... وغدوا بلبك مطلع الشرق

مرّت على قرن يقاد بها ... تعدو أمام براذن زرق

فظللت كالمغمور مهجته ... هذا الجنون وليس بالعشق

يا ظبية عبق العبير بها ... عبق الدهان بجانب الحق

وغنته حبابة في الشعر وبلغ يزيد فسألها عنه فأخبرته فقال لها: غنني به، فغنته فأجادت وأطربته، فقال إسحق: إنه من جيد غنائها.

قال أبو الفرج الأصبهاني: هذا غلط ممن رواه في أبيات الحرث بن خالد لأنه قالها في عائشة بنت طلحة لما زوجها مصعب بن الزبير وخرج بها وفي أبياته يقول:

في البيت ذي الحسب الرفيع ومن ... أهل التقى والبر والصدق

وقد شرح ذلك في أخبار عائشة بنت طلحة.

قال إسحق: وأخبرني الزبير أن يزيد إشتراها وهو أمير، فلما أراد الخروج بها قال الحرث بن خالد فيها:

<<  <   >  >>