للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بعده ابْن أَخِيه عبد الْوَهَّاب بن دَاوُد فقلد ذَلِك غَيره وَرجع صَاحب التَّرْجَمَة لما كَانَ عَلَيْهِ من التدريس والإفتاء والتأليف غير منفك عَن مُبَاشرَة وظائف التدريس بِنَفسِهِ إِلَّا لعذر من مرض وَغَيره بل لما ضعف عَن الْمَشْي صَار يركب، وَقَررهُ عبد الْوَهَّاب بعد ابْن عطيف فِي تدريس مدرسته الَّتِي أَنْشَأَهَا فَلم تطل مدَّته فِيهَا. وَمن تصانيفه مهمات الْمُهِمَّات اختصر فِيهَا الْمُهِمَّات للأسنوي اختصارا حسنا اقْتصر فِيهِ على مَا يتَعَلَّق بالروضة خَاصَّة مَعَ مباحثات مَعَ الأسنوي واستدراك كثير وَكَانَ قد شرع فِيهِ من حَيَاة شَيْخه وَقُرِئَ عَلَيْهِ غير مرّة ونقحه وحرره حَتَّى صَار فِي نِهَايَة الإفادة والنكيتات الواردات على مَوَاضِع من الْمُهِمَّات والإبريز فِي تَصْحِيح الْوَجِيز الَّذِي قَالَ أَنه لم يسْبق لمثله والإلهام لما فِي الرَّوْضَة لشيخه من الأوهام، وَكَانَ يرجح مُخْتَصر الرَّوْضَة للأصفوني عَلَيْهِ لعدم تقيده فِيهِ بِلَفْظ الأَصْل الَّذِي قد يُؤَدِّي لتباين ظَاهر بِخِلَاف الأصفوني فَهُوَ متقيد بِلَفْظ الأَصْل وَلكنه يرجح الرَّوْض من حَيْثُ التَّقْسِيم وأفراد زَوَائِد الْأَنْوَار على الرَّوْضَة وَسَماهُ أنوار الْأَنْوَار وَكَذَا فعل فِي جَوَاهِر الْقَمُولِيّ وشرحي الْمِنْهَاج والعمدة والعجالة كِلَاهُمَا لِابْنِ الملقن وَكَانَ يَقُول: من حصلها مَعَ الرَّوْضَة اسْتغنى عَن تِلْكَ الْكتب سمى أَولهَا جَوَاهِر الْجَوَاهِر وَهُوَ فِي نَحْو ثَلَاثَة وَأَرْبَعين كراسة وَثَانِيها تقريب الْمُحْتَاج فِي زَوَائِد شرح ابْن النَّحْوِيّ للمنهاج وَثَالِثهَا الصفاوة فِي زَوَائِد العجالة وبمكة من تصانيفه الْكثير. وَقد انْتفع بِهِ فِي الْفِقْه أهل الْيمن طبقَة)

بعد أُخْرَى حَتَّى أَن غَالب فُقَهَاء الْيمن من تلامذته وَأَصْحَابه وارتحل النَّاس إِلَيْهِ فِيهِ وَمَا لقِيت أحدا من أَصْحَابه إِلَّا وَيذكر عَنهُ فِي الْفِقْه أمرا عجبا وَأَنه فِي تفهيم الْأَشْيَاء الدقيقة وتقريبها إِلَى الأفهام لَا يلْحق وَأما الْإِرْشَاد وَشَرحه فَهُوَ الْمُنْفَرد بمعرفتهما مَعَ غَيرهمَا من تصانيف مؤلفهما حَتَّى تلقى الْإِرْشَاد عَنهُ من لَا يُحْصى كَثْرَة بِحَيْثُ كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ غير وَاحِد فِي الْمجْلس الْوَاحِد من مَكَان وَاحِد وَكَانَ يقْصد من الْمُحَقِّقين بالسؤال عَمَّا يقف عَلَيْهِم مِنْهَا وَكَذَا كَانَ يعرف الرَّوْضَة كَمَا يَنْبَغِي لِأَنَّهَا أقرأها غير مرّة مَعَ مُرَاجعَة مختصرة للمهمات وَأَصله وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ الأذكياء من الطّلبَة يرجحون فقهه على سَائِر الْمَشْهُورين فِي عصره وَصَارَ فَقِيه الْيمن قاطبة كل ذَلِك مَعَ النِّهَايَة فِي الذكاء والذهن الثاقب والاقتدار على رَشِيق الْعبارَات مَعَ حبسة فِي كَلَامه بِحَيْثُ لَا يفهمهُ إِلَّا من مارسه، هَذَا مَعَ لطافة الطَّبْع ونظم لَكِن على طَريقَة الْفُقَهَاء وَكَونه فِي حسن الْخلق بِالْمحل الْأَعْلَى ومزيد الشَّفَقَة على سَائِر النَّاس وانقياده للْمَرْأَة وَالصَّغِير والمسكين وسعيه فِي إِزَالَة ضَرُورَة من يَقْصِدهُ فِي ذَلِك بِكُل طَرِيق. مَاتَ فِي صفر

<<  <  ج: ص:  >  >>