للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فِي علم الْجراحَة وتحول إِلَى الديار المصرية قَدِيما فسكن التبانة وَتقدم فِي صناعته بِحَيْثُ اسْتَقر فِي الرياسة. مَاتَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين بعد أَن طعن فِي السن وَادّعى أَنه جَازَ الْمِائَة وَلَكِن قَرَائِن الْحَال تشعر بِأَنَّهَا من الْمحَال وَفِي شعر لحيته السوَاد الْكثير. مُحَمَّد بن زين بن مُحَمَّد بن زين بن مُحَمَّد بن زين الشَّمْس أَبُو عبد الله الطنتدائي الأَصْل النحراري الشَّافِعِي وَيعرف بِابْن الزين. ولد قبل السِّتين وَسَبْعمائة بالنحرارية من الغربية وَنَشَأ فحفظ الْقُرْآن بأبيار، وارتحل إِلَى الْقَاهِرَة فحفظ الشاطبيتين والتنبيه والألفية، وتلا بالسبع وَتَمام إِحْدَى وَعشْرين رِوَايَة على الْفَخر البلبيسي إِمَام الْأَزْهَر وَأذن لَهُ وَعَلِيهِ بحث الشاطبيتين. وتفقه بالعز القليوبي وَالشَّمْس الغراقي، وَحضر دروس الأبناسي كثيرا بل أَخذ عَن الْبَدْر الزَّرْكَشِيّ ثمَّ الْكَمَال الدَّمِيرِيّ وَآخَرين وَقَرَأَ فِي النَّحْو على عمر الْخَولَانِيّ المغربي وَسمع بِجَامِع الْأَزْهَر)

الصَّحِيح على التَّاج مُحَمَّد السندبيسي ونظم السِّيرَة لفتح الدّين بن الشَّهِيد على ناظمها. وَحج مرَّتَيْنِ وَشرح ألفية ابْن ملك نظما وَكَذَا الرائية وأفرد لقِرَاءَة كل من الْقُرَّاء السَّبْعَة منظومة وَله نظم كثير فِي الْعلم والمديح النَّبَوِيّ وأفرد جملَة مِنْهُ فِي ديوَان كَبِير جدا وَمَعَ ذَلِك فنظمه فَوق الْحصْر وَهُوَ صَاحب الْمَنْظُومَة المتداولة فِي الْوَفَاة النَّبَوِيَّة وَكَذَا عمل قصَّة السَّيِّد يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فِي ألف بَيت وسبك أربعي النَّوَوِيّ فِي قصيدة وامتدح شَيخنَا بِمَا أوردته فِي الْجَوَاهِر وَكَانَت لَهُ قدرَة على النّظم وملكة قَوِيَّة وَيسْتَعْمل الجناس إِذا أَرَادَ، وَهُوَ مطبوع فِي غَالب شعره على صناعَة الْمعَانِي وَالْبَيَان فِي المقابلات وَنَحْوهَا وَلَا يتحامى أَحْيَانًا الْأَلْفَاظ المطروقة على أَلْسِنَة الْعَامَّة بل رُبمَا وَقع فِي شعره اللّحن، وَالظَّاهِر أَنه لم يكن يمعن التَّأَمُّل فِيهِ ولكلامه وَقع فِي الْقُلُوب وَفِيه حكم وَمَعَان، كل ذَلِك مَعَ الصّلاح والزهد وَكَونه خيرا منورا مهابا ذَا أَحْوَال وكرامات، وَقد حدث بالكثير من نظمه، وَأخذ عَنهُ غير وَاحِد من أهل تِلْكَ النواحي وَغَيرهَا الْقرَاءَات وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الشهَاب بن جليدة والزين جَعْفَر السنهوري وبلغنا أَنه كَانَ أَصمّ فَإِذا قرئَ عَلَيْهِ يدْرك الْخَطَأ وَالصَّوَاب بحركات شفَاه الْقَارئ لوفور ذكائه مَعَ صَلَاحه وَمِمَّنْ كتب عَنهُ من نظمه ابْن فَهد والبقاعي وَيُقَال إِنَّه كَانَ فِي أول أمره جزالاص وَأَنه تزوج امْرَأَة عمياء يُقَال لَهَا ابْنة معمر فحثته على قِرَاءَة الْقُرْآن فَاعْتَذر بِأَنَّهُ فَقير فَأَعْطَتْهُ مَا دَفعه لمن أقرأه الْقُرْآن فَكَانَ ذَلِك فاتحا لَهُ إِلَى الْخَيْر حَيْثُ ارتحل وارتقى لما تقدم وَحكى هُوَ أَنه عني بمدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُدَّة ثمَّ ترك وتشاغل بنظم غَيره فَرَأى فِي مَنَامه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منقبضا عَنهُ فَحصل لَهُ هم عَظِيم

<<  <  ج: ص:  >  >>