للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والبدر الأقصرائي وَسَهل بن أبي الْيُسْر وَغَيرهم من ذَلِك الْعَجَائِب وشاهدت مِنْهُ الْكثير من ذَلِك. وَذكره فِي إنبائه محيلا على الْحَوَادِث وَوَصفه فِي فتح الْبَارِي بالعالم. وَقَالَ ابْن قَاضِي شُهْبَة: كَانَ إِمَامًا عَالما غواصا على الْمعَانِي يحفظ متونا كَثِيرَة ويسرد جملَة من تواريخ الْعَجم مَعَ الْوَضَاءَة والمهابة وَحسن الشكالة والضخامة ولين الْجَانِب على مَا فِيهِ من طبع الْأَعَاجِم وَلَقَد سَمِعت الشهَاب بن حجي يثني عَلَيْهِ ويتعجب من سرده لتواريخ الْعَجم. وَقَالَ الْجمال الطيماني أَنه يحل الْكتب المشكلة ويتخلص فِيهَا وصنف شرح مُسلم وَغَيره وَبني بالقدس مدرسة وَلم تتمّ. وَقَالَ الْعَيْنِيّ: كَانَ عَالما فَاضلا متفننا لَهُ تصانيف كشرح مَشَارِق الْأَنْوَار وَشرح صَحِيح مُسلم يعي الْمُسَمّى فضل الْمُنعم وَشرح الْجَامِع الْكَبِير من أَوَائِله وَلم يكمله وَكَانَ قد أدْرك الْكِبَار مثل التَّفْتَازَانِيّ وَالسَّيِّد وَصَارَت لَهُ حُرْمَة وافرة بِبِلَاد سمرقندر وهراة وَغَيرهمَا حَتَّى كَانَ اللنك يعظمه ويحترمه ويميزه على غَيره بِحَيْثُ يدْخل عِنْده فِي حريمه ويستشيره وَرُبمَا كَانَ يُرْسِلهُ فِي مهماته وَلذَا قيل إِنَّه وزيره وَلَيْسَ كَذَلِك، وَقدم فِي زمن النَّاصِر فرج وتوطن الْقُدس، إِلَى أَن قَالَ: وَلم يخلف سوى زَوجته وَهِي وسطوة فِي وظائفه غير أَنه لم يكن مشكورا من غير)

عِلّة ظَاهِرَة فِيهِ. وَقَالَ المقريزي أَنه ولي الْقَضَاء وَكِتَابَة السِّرّ فَلم ينجب وَكَانَ يقرئ فِي المذهبين وَيعرف الْعَرَبيَّة وَعلمِي الْمعَانِي وَالْبَيَان ويذاكر الْأَدَب والتاريخ ويستحضر كثيرا من الْأَحَادِيث وَالنَّاس فِيهِ بَين غال ومقصر وَأَرْجُو أَن يكون الصَّوَاب مَا ذكرته. وَقَالَ وَغَيره: كَانَ شَيخا ضخما طوَالًا أَبيض اللِّحْيَة مليح الشكل إِلَّا أَن فِي لِسَانه مسكة إِمَامًا بارعا فِي فنون من الْعُلُوم لَهُ تصانيف تدل على غزير علمه واتساع نظره وتبحره فِي الْعُلُوم منصفا للحنفية إِلَى الْغَايَة صادعا بِالْحَقِّ تَارِكًا للتعصب، وَكَانَ يركب بعد ولَايَته الْبلْغَة بهيئة الْأَعَاجِم بفرجية وعذبة مرخية على يسَاره فَأَقَامَ مُدَّة ثمَّ لبس زِيّ قُضَاة مصر، وسَاق الأبيات الَّتِي وجدهَا الْمُؤَيد وأولها:

(يَا أَيهَا الْملك الْمُؤَيد دَعْوَة ... من مخلص فِي حبه لَك يفصح)

وَأَن غَالب الْفُقَهَاء تعصبوا عَلَيْهِ وبالغوا فِي التشنيع ورموه بعظائم، الظَّن بَرَاءَته عَن أَكْثَرهَا وَادّعى عَلَيْهِ بِمَال بعض الْأَوْقَاف وتوجهوا بِهِ مَاشِيا ومنعوه من الرّكُوب إِلَى غير ذَلِك مِمَّا بسط فِي الْحَوَادِث وَكَانَ معدودا من أَعْيَان الْأَئِمَّة الْعلمَاء لكنه لم يرْزق السَّعَادَة فِي مناصبه لِأَنَّهُ كَانَ ظنينا بِنَفسِهِ معجبا بهَا إِلَى الْغَايَة فعجزه الله. قلت وَقد قرئَ عَلَيْهِ شَرحه لمُسلم وَكَذَا صنف شرحا على المصابيح وَحدثنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>