للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مكالمة النَّاس وَصَارَ يُطلق لِسَانه فِي الْقُضَاة وَأَصْحَاب الولايات وَله فِي الزّهْد والتقلل من الدُّنْيَا حكايات تضاهي مَا نقل عَن الأقدمين وَكَانَ يتعصب للأشاعرة وَأُصِيب سَمعه وبصره فضعف وَشرع فِي عمَارَة رِبَاط دَاخل بَاب الصَّغِير فساعده النَّاس بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم ثمَّ شرع فِي عمَارَة خَان السَّبِيل ففرغ فِي مُدَّة قريبَة زَاد غَيره أَنه لما بناه بَاشر الْعَمَل فِيهِ الْفُقَهَاء فَمن سواهُم حَتَّى كَانَ الْحَافِظ ابْن نَاصِر الدّين كثير الْعَمَل فِيهِ مَعَ أَنه مِمَّن كَانَ يضع من مِقْدَاره لرميه إِيَّاه باعتقاد مسَائِل ابْن تَيْمِية وكراماته كَثِيرَة وأحواله شهيرة تَرْجمهُ بَعضهم بِالْإِمَامِ الْعَلامَة الصُّوفِي الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الْمُنْقَطع إِلَيْهِ زاهد دمشق فِي زَمَانه الأمار بِالْمَعْرُوفِ النهاء عَن الْمُنكر الشَّديد الْغيرَة لله وَالْقِيَام فِيهِ الَّذِي لَا تَأْخُذهُ فِي الْحق لومة لائم وَأَنه الْمشَار إِلَيْهِ هُنَاكَ بِالْولَايَةِ والمعرفة بِاللَّه مَاتَ بعد أَن ثقل سَمعه وَضعف بَصَره فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء منتصف جُمَادَى الثَّانِيَة سنة تسع وَعشْرين بِدِمَشْق وحملت جنَازَته على أَعْنَاق الأكابر وَكَانَ يَوْمًا عَظِيما مَا تخلف عَنهُ أحد من أهل دمشق حَتَّى الْحَنَابِلَة مَعَ شدَّة قِيَامه عَلَيْهِم والتشنيع على من يعْتَقد مَا خَالف فِيهِ ابْن تَيْمِية الْجُمْهُور هَذَا مَعَ فَوَات الصَّلَاة عَلَيْهِ لكثيرين لكَونه أوصى أَن يخرج بِهِ بِغَلَس وَلَكنهُمْ ذَهَبُوا إِلَى قَبره وَصلى عَلَيْهِ غير مرّة وَأول من صلى عَلَيْهِ بالمصلى ابْن أَخِيه شمس الدّين ثمَّ ثَانِيًا عِنْد جَامع كريم الدّين وَدفن هُنَاكَ وَختم على قَبره ختمات كَثِيرَة ورؤيت لَهُ منامات صَالِحَة مِنْهَا ان النَّجْم بن حجي رَآهُ وَهُوَ جَالس على مَكَان مُرْتَفع يشبه الإيوان العالي وَكَانَ بِمَسْجِد قبر عَاتِكَة وَابْن أَخِيه قريب مِنْهُ وَقَائِل يَقُول لَهُ هَذَا القطب قَالَ وَلَكِن رَأَيْته مقْعدا قَالَ وخطر لي أَن ذَلِك بِسَبَب إِطْلَاق لِسَانه فِي النَّاس وَقَالَ غَيره إِنَّه رَآهُ وَقَائِل يَقُول لَهُ عَنهُ مَا يَمُوت حَتَّى يبلغ دَرَجَة وَكِيع وَمِمَّنْ تَرْجمهُ ابْن خطيب الناصرية لدُخُوله حلب وَبَلغنِي أَن الْبُرْهَان الْحلَبِي عَتبه بِسَبَب ابْن تَيْمِية فَلم يرد عَلَيْهِ مَعَ كَون التقي هُوَ الَّذِي قَصده فِي الشرفية بالزيارة لِأَن الْبُرْهَان تناقل النَّاس عِنْده عَنهُ أَنه لَا يسلم مِنْهُ متقشف وَلَا متصلف حَيْثُ يَقُول للْأولِ هَذَا تصيف أَو نَحوه وَللثَّانِي هَذَا تجبر أَو تكبر أَو نَحوه فتحامى الْبُرْهَان الِاجْتِمَاع بِهِ حَتَّى قَصده هُوَ وَذكره المقريزي فِي عقوده بِاخْتِصَار وَقَالَ إِنَّه كَانَ شَدِيد التعصب للأشاعرة منحرفا عَن الْحَنَابِلَة انحرافا يخرج فِيهِ عَن الْحَد فَكَانَت لَهُ مَعَهم بِدِمَشْق أُمُور عديدة وتفحش فِي حق ابْن تَيْمِية وتجهر بتكفيره من غير احتشام بل يُصَرح بذلك فِي الْجَوَامِع والمجامع بِحَيْثُ تلقى ذَلِك عَنهُ أَتْبَاعه وَاقْتَدوا بِهِ جَريا على عَادَة أهل زَمَاننَا فِي تَقْلِيد من

<<  <  ج: ص:  >  >>