للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قِرَاءَة الخطوط المتنوعة وَسُرْعَة السّير فِيهَا من غير نظرها قبل فشيء لَا يُشَارِكهُ فِيهِ غَيره مَعَ تَمام الاسْتقَامَة سِيمَا فِي الْعَرَبيَّة بِحَيْثُ عجز الأكابر عَن ضبط هفوة مِنْهُ فِي ذَلِك وَقد سَمِعت بقرَاءَته جُزْءا من تصانيف شَيخنَا من المسودة الَّتِي بِخَطِّهِ على ضوء الْقنْدِيل الْمُعَلق بِالْمَدْرَسَةِ فَمر فِيهِ أحسن مُرُور لكَونه كَانَ أَجْهَر وَلما ذكرته وَلم يكن شَيخنَا يقدم عَلَيْهِ فِي الْقِرَاءَة فِي رَمَضَان غَيره وَكَذَا كَانَ سريع الْكِتَابَة جدا مَعَ الصِّحَّة ومزيد الاتقان وَهِي طَريقَة ظريفة نيرة وَقد كتب بِخَطِّهِ الْكثير خُصُوصا من تصانيف شَيخنَا كل ذَلِك مَعَ الدّيانَة وَالْأَمَانَة وَالصِّفَات الْحَسَنَة الجميلة من الْكَرم المفرط بِحَيْثُ لَا يبقي على شَيْء ويحكى عَن بعض شُيُوخه أَنه أوصاه بذلك وَطرح التَّكَلُّف وَعدم التأنق فِي مركبه وملبسه بِحَيْثُ لَا يتحاشى لبس دنس الثِّيَاب سِيمَا وَكَانَت النزلة تعتريه كل قَلِيل وَكَانَ يحْكى فِي سَببهَا أَنه أحرم متجردا فِي حجَّته الأولى من رابغ وَلذَا لم يكن يرفع عمَامَته وَلَا يخفها وَلَا ينْزع طيلسانه إِلَّا نَادرا وَيكثر لأَجلهَا من اسْتِعْمَال الْأَدْوِيَة وتعاطي الحقن وَنَحْو ذَلِك مَعَ بهاء صورته وضوئها وَحسن المعاشرة وخفة الرّوح مَعَ السّمن المفرط الْمنَافِي لأكْثر صِفَاته لكنه كَانَ طارئا ومزيد التَّوَاضُع مَعَ الشهامة وَعدم التَّرَدُّد للأكابر والاسترواح فِي الاقراء بِحَيْثُ يقرىء المشكلات بِدُونِ تبييت مطالعة ويبحث مَعَ الأكابر بِدُونِ انزعاج وتكلف وَلَو قصر نَفسه على التصدي للاقراء لما اتسعت أوقاته لِاسْتِيفَاء من يَقْصِدهُ للاستفادة وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ من الْأَعْيَان الشهَاب بن أَسد والْعَلَاء البُلْقِينِيّ ولازمه كثيرا الشهَاب البيجوري حفيد شَيْخه وَهُوَ الْآن أمثل الْمَوْجُودين من تلامذته وَكنت مِمَّن أَكثر من ملازمته وقرأت عَلَيْهِ مُعظم شرح الألفيه لِابْنِ عقيل بل أمْلى عَليّ فِي الْفَنّ مُقَدّمَة تشْتَمل على حُدُود وضوابط مفيدة كَانَ يمرن المتعلمين بهَا وَكَأَنَّهَا من جُمُعَة وقرأت عَلَيْهِ مُعظم الْفِقْه بل كنت أول الْأَمر أَقرَأ عَلَيْهِ مَا أروم قِرَاءَته على شَيخنَا من تصانيفه وَحَضَرت عِنْده فِي قِرَاءَة شرح جمع الْجَوَامِع للمحلي وَفِي قِرَاءَة منهاج الْبَيْضَاوِيّ والتوضيح وجامع المختصرات وَغير ذَلِك وَسمعت من لَفظه الْكثير وَمَا أعلم أنني أخذت بعد شَيخنَا عَن أجل)

مِنْهُ وَلم يكن مَعَ هَذِه الْأَوْصَاف الحميدة والمناقب العديدة عِنْده أجل مِنْهُ بل قصر نَفسه على صحبته والانتماء إِلَيْهِ ومحبته حَتَّى كَانَ شَيخنَا يغبط بذلك وَلما ولي القاياتي الْقَضَاء امْتنع من مزِيد التَّرَدُّد إِلَيْهِ مَعَ مَا كَانَ بَينهمَا من الْمُصَاهَرَة

<<  <  ج: ص:  >  >>