وبالحجازية بِرَأْس المنجبية من الشَّارِع كلهَا من واقفيها بل هُوَ الَّذِي كتب وقف أَولهَا، وَكَانَ رجلا طوَالًا مفوها بارعا فِي الشُّرُوط حسن الْخط مستحضرا لكثير من الْفِقْه مُتَقَدما فِي الْفَرَائِض مُتَأَخِّرًا فِي الْفَهم قَالَ البقاعي مبالغا فِي أذيته جَريا على عَادَته بعد قَوْله إِن أَبَاهُ كَانَ يلقب شغيلة بمعجمتين الأولى مَضْمُومَة وَالثَّانيَِة مُشَدّدَة مِمَّا لَيْسَ فِي ذكره فَائِدَة تتَعَلَّق بالمترجم وَهُوَ من أَعْيَان نواب الشَّافِعِيَّة بِالْقَاهِرَةِ أَو عينهم علما وَقدم هِجْرَة واشتغال غير أَن قلمه فِي التصنيف أحسن من لِسَانه ويخطئ كثيرا فِي الْبَحْث ويتنقل ذهنه من مَسْأَلَة إِلَى أُخْرَى ويجازف فِي النَّقْل لَا يتَوَقَّف أَن ينْسب لمَذْهَب الشَّافِعِي مهما خطر فِي ذهنه بل وَإِلَى نَص الشَّافِعِي ثمَّ حكى أَشْيَاء من مجازفاته قَالَ وَهُوَ مُتَكَلم فِيهِ من جِهَة الْقَضَاء وَغَيره فَالله تَعَالَى يوفقنا وإياه لما يرضيه أَو يعجل لَهُ قَضَاء الْمَوْت ليستريح النَّاس مِنْهُ. مَاتَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة ثَالِث عشر الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَصلى عَلَيْهِ فِي جَامع الْأَزْهَر بعد عصر الْجُمُعَة حَيْثُ لم يسْعد وَلَده بِإِخْرَاجِهِ وَقت الْجُمُعَة تقدم النَّاس البُلْقِينِيّ وَدفن بتربة أَنْشَأَهَا بالصحراء رَحمَه الله وإيانا.
٦٩٨ - أَحْمد بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن معالي بن مُحَمَّد الشهَاب أَبُو مُحَمَّد الدِّمَشْقِي ثمَّ القاهري الشَّافِعِي وَالِد مُحَمَّد الْآتِي وَيعرف بالزعيفريني. / ولد فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء عشر ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَكتب الْخط الْمَنْسُوب وَكَانَت لَهُ فَضِيلَة فِي نظم الشّعْر وَغَيره وَجمع ديوَان
نظمه وَكَانَ يزْعم أَنه يعلم علم الْحَرْف ويستخرج من الْقُرْآن مَا يعلم بِهِ علم المغيبات وخدع بذلك طَائِفَة من الْأُمَرَاء فِي الْأَيَّام الناصرية وَغَيرهم من الأكابر وتحرك لَهُ حَظّ راج بِهِ مديدة يسيرَة وأثرى ثمَّ ركدت رِيحه وامتحن فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَقطع النَّاصِر لِسَانه وعقدتين من أَصَابِع يمناه لَكِن رفق الْمُتَوَلِي لذَلِك بِهِ فِي قطع لِسَانه بِحَيْثُ لم يكن بمانع لَهُ من الْكَلَام غير أَنه لم يبد ذَلِك إِلَّا بعد النَّاصِر بل وَصَارَ يكْتب باليسرى مَعَ أَنه لم يرج لَهُ أَمر بعد بل انْقَطع حَتَّى مَاتَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي ربيع الأول سنة ثَلَاثِينَ وَكَانَ السَّبَب فِي امتحانه أَنه نظم لجمال الدّين الاستادار ملحمة أَوْهَمهُ أَنَّهَا قدمية وفيهَا أَنه تملك مصر هُوَ وَولده من بعده وَمن نظمه وَكتبه بِيَدِهِ الْيُسْرَى بعد تَعْطِيل الْيُمْنَى وَأرْسل بِهِ للصدر عَليّ بن الأدمِيّ: