وَفِي الْعشْرين من ربيع الأول سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة أغسطس ١٠٥٠ بلغنَا مَدِينَة عيذاب وَمن أسوان حَتَّى عيذاب الَّتِي بلغناها بعد خَمْسَة عشر يَوْمًا مِائَتَا فَرسَخ بالتحديد ومدينة عيذاب هَذِه تقع على شاطئ الْبَحْر وَبهَا مَسْجِد جُمُعَة وسكانها خَمْسمِائَة وَهِي تَابِعَة لسلطان مصر وفيهَا تحصل المكوس على مَا فِي السفن الوافدة من الْحَبَشَة وزنجبار واليمن وَمِنْهَا تنقل البضائع على الْإِبِل إِلَى أسوان فِي هَذِه الصَّحرَاء الَّتِي اجتزناها وَمن هُنَاكَ تنقل بالسفن إِلَى مصر فِي النّيل وعَلى يَمِين عيذاب نَاحيَة الْقبْلَة جبل من خَلفه صحراء عَظِيمَة بهَا مراع وَاسِعَة وَخلق كَثِيرُونَ يسمون البجة وهم قوم لَا دين لَهُم وَلَا مِلَّة لَا يُؤمنُونَ بِنَبِي أَو إِمَام وَذَلِكَ لبعدهم عَن الْعمرَان وهم يسكنون الصَّحرَاء طولهَا أَكثر من ألف فَرسَخ وعرضها ثَلَاثمِائَة فَرسَخ وَلَيْسَ فِي هَذِه الْمسَافَة الشاسعة سوى مدينتين صغيرتين تسمى الأولى بَحر النعام وَالثَّانيَِة عيذاب وتمتد هَذِه الصَّحرَاء من مصر إِلَى الْحَبَشَة وَذَلِكَ من الشمَال إِلَى الْجنُوب وعرضها من بِلَاد النّوبَة حَتَّى بَحر القلزم وَذَلِكَ من الغرب إِلَى الشرق وَيُقِيم بهَا البجة وهم لَيْسُوا أشرار فهم لَا يسرقون وَلَا يغيرون بل يشتغلون بتربية ماشيتهم وَيسْرق الْمُسلمُونَ وَغَيرهم أَبْنَاءَهُم ويحملونهم إِلَى المدن الإسلامية ليبيعوهم فِيهَا