مَدِينَة حلب سلما سفر فِيهَا وَجه الْإِسْلَام ورقى قلعتها سلما بِمَشِيئَة الله تَعَالَى إِلَى دَار السَّلَام
ذكر وُرُود بِشَارَة إِلَى السُّلْطَان وَهُوَ بحلب وَردت عَلَيْهِ من مصر تبشره بظفر أَخِيه الْملك الْعَادِل أبي بكر بطائفتين من الفرنج بحريّة وبرية
اتّفق وُرُود هَذِه الْبشَارَة من مصر إِلَى السُّلْطَان عِنْد فتح حلب تبشره بظفر الأسطول البحري وظفره ببطسة من الفرنج وَذَلِكَ أَنه نَهَضَ مغيرا فَعَاد بعد تِسْعَة أَيَّام وَقد ظفر ببطسة من الفرنج فِيهَا ثَلَاثمِائَة وَخَمْسَة وَسَبْعُونَ علجا من الفرنج فأسروهم جَمِيعًا وَأتوا بهم إِلَى مصر وَكَانَ ذَلِك فِي الْيَوْم الْخَامِس عشر من محرم من السّنة الْمَذْكُورَة
وَأما الظفر الثَّانِي الْبري وَذَلِكَ أَن عصبَة من الفرنج الَّذين كَانُوا بالداروم وَكَانُوا لَا يزالون ينهضون إِلَى أَمَاكِن بعيدَة ومواضع شاسعة يرومون غَفلَة من بهَا لأمنهم وبعدهم عَن ديار الشّرك فَنَهَضت مِنْهُم طَائِفَة مُغيرَة فاتصل خبرهم بِالْملكِ الْعَادِل سيف الدّين أبي بكر أَيْضا فأنهض إِلَيْهِم جمَاعَة من أبطال الْمُسلمين وَجَمَاعَة من أَصْحَابه وَقدم عَلَيْهِم سعد الدّين كمشبه وَعلم الدّين قَيْصر وسيرهم نحوهم فتوافى الْفَرِيقَانِ إِلَى مَاء يعرف بالعسيلة سبق الفرنج إِلَيْهِ فملكوه فَلَمَّا أقبل الْمُسلمُونَ وَقد اشْتَدَّ بهم الْعَطش ترجل الفرنج وآووا إِلَى جبل هُنَاكَ يعتصمون بِهِ فَحمل الْمُسلمُونَ عَلَيْهِم جملَة وَاحِدَة فَقَتَلُوهُمْ عَن آخِرهم وَلم ينج مِنْهُم إِلَّا رجلَانِ وَرجع