وَلما تسلم السُّلْطَان الْبِلَاد الْمَذْكُورَة ولاها جمَاعَة من أَصْحَابه ومماليكه وأمرائه فَأَما شهرزور فَإِنَّهُ أرسل إِلَيْهَا مَمْلُوكه مُجَاهِد الدّين أياز وَندب للنَّظَر فِي تِلْكَ الْأَعْمَال شمس الدّين بن الْفراش وأقطع البوازيج لبَعض خواصه ووقف ضَيْعَة تعرف بباقيلا على وَرَثَة شيخ الشُّيُوخ بِبَغْدَاد
ثمَّ رَحل السُّلْطَان من الْموصل فِي شَوَّال مُتَوَجها إِلَى نَصِيبين فَكَانَ فِيهَا ثامن الشَّهْر الْمَذْكُور وَأقَام بهَا أَيَّامًا ثمَّ رَحل مِنْهَا إِلَى حران فِي الْعشْر الآخر من شَوَّال فَكَانَ وُصُوله إِلَيْهَا فِي آخِره وَلم يزل السُّلْطَان بحران إِلَى آخر السّنة وَكَانَ قد ألم بِهِ مرض شَدِيد مُدَّة مقامة فِي حران وَطَالَ ذَلِك بِهِ وَكَثُرت الأرجيف عَنهُ فِي تِلْكَ المرضة
ذكر شَيْء من مَكَارِم أخلاقه رَضِي الله عَنهُ
ذكر بعض أَصْحَابنَا أَن السُّلْطَان لما اشْتَدَّ بِهِ الْمَرَض بحران وَكَانَ قد أَتَاهُ جمَاعَة كَبِيرَة من سَائِر بِلَاد الْإِسْلَام طلبا لإنعامه عَلَيْهِم على جاري عَادَته وَحسن سجيته قَالَ فاستغاث النَّاس وَمن هُنَاكَ من القاصدين لَهُ والسائلين فَسمع ضجة النَّاس فَقَالَ مَا هَذِه الضجة فَقيل لَهُ هَؤُلَاءِ الوافدون عَلَيْك قد اجْتَمعُوا على بابك متأسفون على مَا بك قَالَ فَأمرنِي بكتب أسمائهم فَكَانُوا خلقا كثيرا فَأعْطى كلامنهم على قدره وَمَا قسم الله تَعَالَى على يَده فَكَانَ مَالا كثيرا وسارت الْأَخْبَار بمرضه
فَأَما أَخُوهُ الْملك الْعَادِل سيف الدّين أَبُو بكر فَإِنَّهُ سمع بحلب مرض أَخِيه فَسَار إِلَى حران يقطع لمنازل فوصلها بعد أَيَّام فَأَقَامَ بهَا عِنْد السُّلْطَان