أن خالطوا غيرهم من الأمم المتحضرة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وإنما كان كل شعب منهم يؤرخ بما يقع في حياتهم من حوادث، يعرفونها باشتهارها لديهم، كما يذكر الطبرى في تاريخه (١) برواية على بن مجاهد بالسند الشعبي، إذ يقول:
"أرّخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم ﵇ إلى بنيان البيت حين بناه إبراهيم وإسماعيل … ثم أرّخ بنو إسماعيل من بنيان البيت حتى تفرقت، فكان كلما خرج قوم من تهامة أرخوا بمخرجهم، ومن بقى بتهامة من بني إسماعيل يؤرخون من خروج سعد، ونهد، وجهينة بني زيد من تهامة حتى مات كعب بن لؤى، فأرخوا من موت كعب بن لؤى إلى عام الفيل، فكان التاريخ من الفيل حتى أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة".
"قال أبو جعفر: وهذا الذي رواه على بن مجاهد في تاريخ بني إسماعيل غير بعيد عن الحق، وذلك أنهم كانوا يؤرخون على أمر معروف يعمل به عامتهم، وإنما كان المؤرخ منهم يؤرخ بزمان قمحة كانت في ناحية من نواحي بلادهم، ولزبة أصابتهم، أو بالعامل كان يكون عليهم، أو الأمر الحادث فيهم، فينتشر خبره عندهم.
ويدل على ذلك اختلاف شعرائهم في تأريخاتهم، ولو كان لهم تأريخ معروف وأصل معمول به لم يختلف ذلك منهم.