قالوا: وأوصى رياح بن ربيعة بنيه عند موته فقال: " يا بنيّ، سوِّدوا أعقلكم، فإن أمير القوم إذا لم يكن عاقلا كان آفة لمن دونه، وجودوا على قومكم، وإياكم والبخل، فإنه داء، ونعم الدواء السخاء، والتغافل فعل الكرام، والصمت جماع الحلم، والصدق في بعض المواطن عجز، واستعينوا على من لا تقوون عليه بالجموع، واعلموا أن سيِّد القوم أشقاهم، وإياكم والمنّ، فإنه مهدمة للصنيعة ".
قالوا: وأوصى الأفوه الأوديّ فقال:
"عليكم بتقوى الله وصلة الرحم، وحسن التعزِّي عن الدنيا بالصبر، والنظر فيما حزبكم لما بعده تفلحوا، وتفقّدوا حالاتكم بالمعرفة لحقوق أعلامكم فإنهم بكم عزُّوا، وأنتم بهم أعزّ منكم بغيرهم، كونوا من الفتن على حذر، ولا تأمنوا على أحسابكم السفهاء، ولا تشركوهم في سرّكم، فإنهم كالضأن في رعيتها، كلامهم ذعر، وفعلهم عسر، لا يستحيون من دناءة، ولا يراقبون محرما، ولا يغضبنّ منكم امرؤ لسفيه على ابن عمه وإن وزعه، ولا تطمئنوا إلى أجسامهم، واستوحشوا من عقولهم، ولا تثقوا بناحيتهم، وإن حاربتم فاتخذوهم حشوا فيما بينكم، فإن النظر قبل اللقّاء حزم، ولا حزم بعد الندامة، فإذا اقتادكم امرؤ فوقِّروه بالإجلال والمناصحة تبلغوا بذلك من العدو، وتنالوا به المحامد، فإن لغد أمرا، والأيام دُوَل، فتأهّبوا، وتصنّعوا لحلولها.
ثم قال: أما بعد، فإن التجربة علم، والأدب عون، والكفّ عن ذلك مضرّة، وليكن جلساؤكم أهل المروءة والطلب لها، وإياكم ومجالسة الأشرار، فإنها تعقب الضغائن، والرفض لهم من أسباب الخير، والحلم محجزة عن الغيظ، والفحش من العيّ، والغيّ مهدمة للبناء " يعني المعالي "، ومن خير ما ظفرت به الرجال