والخير تزداد منه ما بقيت به … والشرُّ يكفيك منه قلَّ ما زاد
قالوا: وأوصى حصن بن حذيفة بن بدر الفزاريّ بنيه، وكان سبب موته أن كرز بن عامر العقيليّ طعنه، وكان له بنون عشرة، فأوصاهم عند موته، واشتد به مرضه، فقال: - الموت أروح مما أنا فيه، فإياكم يطيعني؟ قالوا: كلُّنا لك مطيع.
فبدأ بأكبرهم، فقال: خذ سيفي هذا، فضعه على صدري، ثم اتّكئ عليه حتى يخرج من ظهري.
فقال: يا أبتاه، وهل يقتل الرجل أباه؟ فعدل عنه إلى ولده، كلّهم يقول مقالة الأول، حتى انتهى إلى عُيينة، فقال: - يا أبتاه، أليس لك فيما تأمرني به سلوى وراحة، ولك مني فيه طاعة؟ قال: بلى.
قال: فمرني كيف أصنع.
قال حصن: ألق السيف يا بنيّ، فإني أردت أن أبلوكم فأعرف أطوعكم لي في حياتي، فهو أطوعكم لي بعد وفاتي، فاذهب فأنت سيّد ولدي من بعدي، ولك رياستي.
فجمع بني بدر، فأعلمهم بذلك، ثم قال:
"اسمعوا ما أوصيكم به، لا يتَّكلنّ آخركم على فعال أوّلكم، فإن الذي يدرك به الأول حجة على الآخر، وانكحوا الكفيء من العرب فإنه عزّ حادث، وإذا حاربتم فأوقعوا، وقولوا واصدقوا، فإنه لا خير في الكذب، وصونوا الخيل فإنها حصون الرجال، وأطيلوا الرماح فإنها قرون الخيل، واغزوا الكثير بالكثير،