يا بنيَّ، اتقوا الجواب وزلّة اللسان، فإني رأيت الرجل يعثر قدمه فيقوم من زلته، فينتعش منها سويا، ويزل لسانه فيوفيه وتكون فيه هلكته، يا بنيّ، إذا غدا عليكم رجل وراح فكفى بذلك مسألة وتذكرة بنفسه، يا بني، ثيابكم على غيركم أجمل منها عليكم، ودوابُّكم تحت غيركم أجمل منها تحتكم، يا بني، أَحيوا المعروف وافعلوه، واكرهوا المنكر واجتنبوه، وآثروا الجود على البخل، واصطنعوا العرب وأكرموهم، فإن العربي تعده العدة فيموت دونك، ويشكر لك، فكيف بالصنيعة إذا وصلت إليه في احتمالها وشكرها، والوفاء منها لصاحبها؟.
يا بنيّ، سوِّدوا أكابركم وأعزّوا ذوي أسنانكم تعظموا بذلك، وارحموا صغيركم، وقرِّبوه، وأَلطفوه، وأجيروا يتيمكم، وجودوا عليه بما قدرتم، وخذوا على أيدي سفهائكم، وتعهدوا جيرانكم وفقراءكم بما قدرتم عليه، واصبروا للحقوق، واحذروا عار عدوّكم عليكم في الحرب بالأناة والتؤدة في اللقاء، وعليكم بالتماس الخديعة في الحرب لعدوّكم، وإياكم والنزَّق والعجلة، فإن لمكيدة والأناة والخديعة أنفع من الشجاعة.
واعلموا أن القتال والمكيدة مع الصبر، فإذا كان القضاء عند اللقاء، فإن ظفر امرؤ وأخذ بالحزم قال العاقل: قد أتى الأمر من وجه، وإن لم يظفر قال: ما ضيّع ولا فرّط، ولكن القضاء غالب، فالزموا الحزم على أي الحالين وقع الأمر، والزموا الطاعة والجماعة، وإياكم والخلاف وفراق الجماعة، تواطأوا، وتوازروا، وتواصلوا، وتعاطفوا فإن ذلك يثبت المودة، وتحابّوا، وخذوا فيما أوصيكم به بالجدّ والقيام به تظفروا بدنياكم ما كنتم فيها وآخرتكم إذا صرتم إليها، ولا قوة إلا بالله، وليكن أول ما تبدءون به أنفسكم إذا أصبحتم، تعلموا االقرآن والسنن والفرائض، تأدبوا بأدب الصالحين من قبلكم، من سلفكم الصالح، ولا تقاعدوا أهل الدَّعارة