ويقال: إن مخلد بن يزيد بن المهلب هو الذي أعطاه، لأن أباه قد كان قدَّمه خليفة على خراسان، فكان يقول بعد موت مخلد: رحم الله مخلدا، ما ترك لي بعده من قول.
قالوا: وقدم قيس بن زهير على النَّمر بن قاسط بعد الهباءة ليقيم فيهم، فقال: يا معشر النمر، أنا قيس بن زهير، غريب، حريب، فانظروا إلى امرأة قد أذلها الفقرر وأدّبها الغنى، لها حسب وجمال، فزوِّجونها.
فنظروا له امرأة على ما وصف، يقال لها " ظبية " ابنة الكّيس النمريّ.
فقال لهم: إني ل أقيم فيكم، إني فخور غيور آنف، ولعّلني أن لا أغار حتى أرى، ولا أفخر حتى أسمع، ولا آنف حتى أظلم.
فأقام حتى ولد له غلام، فسماه " خليفة " ثم بدا له أن يرتحل عنهم، فقال لهم: " إن لكم عيّ حقا، وإني أوصيكم بخصال فاحفظوها، عليكم بالأَناة فإن بها تنال الفرصة، وتسويد من لا تعابون بتسويده، والوفاء، فإن يعيش الناس، وإعطاء ما تريدون إعطاءه قبل المسألة، ومنع ما تريدون منعه قبل القسر، وإجلرة الجار على الدهر، وتنفيس المنازل عن بيوت الأيامى، وخلط الضيف بالعيال.
وأنهاكم عن الرِّهان فإني به أَثكلت مالكا، وعن البغي فإنه صرع زهيرا، وعن السرف في الدماء، فإنّ قتل أهل الهباءة ألزمني العار، ولا تعطوا في الفضول فتعجزوا عن الحقوق، ولا تبيتوا بعراص الغدر، وإياكم وعورات الناس، ولا تردّوا النساء عن الأَكفاء فإن لم تصيبوا الأكفاء فإن خير أزواجهن القبر،