للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في كل يوم فاعزل عنهم، فإن عزل عامل أهون من أن يشهر عليك مائة ألف سيف، ثم لا تدري على ما أنت منهم، وانظر أهل الشام فاجعلهم الشعار والدِّثار، فإن رابك من عدوّك ريب فارمهم بهم، فإن أظفرك الله بهم فاردد أهل الشام إلى بلادهم، ولا يقيموا في بلاد غيرهم، فيتأدّبوا بغير أدبهم.

إني لست أخاف عليك غير عبد الله بن عمر، وحسين بن عليّ، وعبد الله بن الزبير، فأما عبد الله بن عمر فرجل قد وقذه الورع، ولا والله، لا تؤتى من قبله، وأما حسين بن عليّ فأرجوا أن يكفيكه الله بمن قتل أباه وخذل أخاه، وأما ابن الزبير فإنه خب ضبّ، فإذا طلع فأثبت له، فقلّما مارست رجلا مثله، فوالله لو قذفته في بئر مملوء زفتا لخرج منه متملِّسا " قال، فمات معاوية.

فقام الحاك بن قيس خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " إن معاوية كان حدّ العرب، وفخر العرب، وهذه أكفانه، نحن مُدرجوه فيها، ومخّلون بينه وبين ربّه، فمن أراد حضوره فليحضر بعد الظهر ".

فصلّى عليه الضحاك بن قيس.

وقال ابن خريم الأَسدي:

أَتى الحدثان نسوة آل حرب … بمقدار صمدن له صمودا

فردَّ شعورهنَّ السُّود بيضا … وردَّ وجوههنَّ البيض سودا

وقال ابن الكلبي عن أبى عبد الرحمن المدني قال، لما حضر معاوية الموت جعل يقول:

إِن تناقش يكُن نقاشك يا ربِّ … عذابا لا طوق لي بالعذاب

أَو تجاوز فأَنت ربٌ رحيم … عن مُسيْ، ذوبه كالتُّراب

<<  <  ج: ص:  >  >>