الذي ولاّهم فأنا لذلك عدوّ في الدنيا والآخرة، على هذا أحيا، وعليه أموت، وعليه أبعث، وبه أخاصم، وإن صلاة الحجاج ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت، وأنا أوّل المسلمين ".
وصيّة رجل من أهل الشام قال أبو حاتم، وحدثونا عن أبي يعقوب عن ابن عمير - يعني عبد الملك - أن رجلا من أهل الشام أوصى ابنه عند موته، وذكر أنه بلغه أن معاذ بن جبل قال: " يا بنيّ، أظهروا اليأس مما عند الناس فإنه غني، وإياكم وطلب الحاجات فإنه فقر حاضر، وإياكم وما يعتذر منه من القول والفعل، وإذا صلّيت يا بنيّ فاسبغ الوضوء، وصلِّ صلاة مودّع يرى أنه لن يئُوب إلى أهله، فإن استطعت أن تكون اليوم خيرا منك أمس، وغدا خيرا منك اليوم فافعل ".
وصية أبي عبيدة بن الجراح قال أبو حاتم، وحدثونا عن لوط بن يحيى عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق عن سعيد بن أبي سعيد قال، لما طعن أبو عبيدة بالأردن - وبها قبره - دعا من حضره من المسلمين، فقال: " إني أوصيكم بوصية إن قبلتموها لن تزالوا بخير وبعدها تهلكوا، أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوموا شهر رمضان، وحجُّوا، واعتمروا، وتواصلوا، وانصحوا لأمرائكم، ولا تبغضوهم، ولا تلهكم الدنيا، فإن امرؤا لو عمرِّ ألف حول ما كان له بدّ من أن يصير إلى مثل مصرعي هذا الذي ترون، إن الله قد كتب الموت على بني آدم، فهم ميِّتون وأكيسهم أطوعهم لربّه، وأعلمهم ليوم معاده، والسلام عليكم ".