أيهما أقرب إلى المجد والسؤدد، فقال: سفيهان يريدان الشر، ارجعا فإن أبيتم فإني لست مفضِّلا أحدا من قومي على أحد، كلَّهم إلى الشرع سواء.
وخلا بكل واحد منهما يسأله الرجوع عما جاء له.
فلما أبيا بعث معهما رجلا إلى ربيعة بن حذار الأسدي، وحبس عنده إبلهما، وكان تنافرا مائة لمائة، فقال: انطلقا مع رسولي هذا، فإنه قتلت أرض جاهلها، وقتل أرضا عالمها، الرفق حسن الأناة ومواتاة الأولياء، واللوم منع السَّداد وذَّم الجواد، والدِّقَّة منع السير، وطلب الحقير، والخرق طلب القليل وإضاعة الكثير، صادق صديقك هونا ما عسى أن يكون عدوَّك يوما ما، وعاد عدوَّك هونا ما عسى أن يكون صديقك يوما.
قال: فنفر ربيعة القعقاع على خالد، وقال: ما جعل العبد كربِّه.
فرجع خالد مغضبا، فإذا هو براع لبني أسد، فسأله، فأخبره الخبر، فقال الراعي: الحق بأكثم فإن أخذت الإبل وإلا فقد هلكت.
فجاء إلى أكثم فادّعاها، وسأله الإبل، فقال أكثم: حتى يأتيني رسولي.
فخرج من عنده مغضبا حتى أتى بني مجاشع وبني نهشل فقال: أتغلبني أُسيد على مالي؟ فخرجوا، فركبوا إليهم، فخرج إليهم أكثم في قومه، فردّهم.