للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكلّمه، فإذا أحكم العرب وأحلمهم، قولا، وفعلا، وفعلا. فحسده الغسّانيّ، وقال في نفسه، لأفسدنَّه.

فلما صدر الحاجّ أرسل الملك إلى عامر، أن زرني حتى أتَّخذك خَّلا، وأحسن حباءك، وأعظِّم شرفك.

فأقبل عامر على قومه، فقال، ماذا ترون؟ قالوا: نرى ألا تردَّ رسوله، اشخص، ونشخص معك، فتصيب من رفده ونفعه، ونصيب معك، ونتَّجه بجاهك. فخرج وخرج معه نفر من قومه.

فلما دخل بلاده تكشف له رأيه وأبصر أنه قد أخطأ، فجمع إليه أصحابه، فقال: " ألا ترون أن الرأي نائم والهوى يقظان، وقد يغلب الهوى الرأي، ومن لم يغلب الهوى بالرأي ندم، وعجلت حين عجلتم عليّ، ولئن سلمت لا أعود بعدها لمثلها، وإنا قد تورّطنا في بلاد هذا الرجل، فلا تسبقوني بريث أمر أقيم عليه، ودعوني ورأيي وحيلتي لكم ".

فقدم على الملك، فضرب له قبّة ونحر له جزورا.

فقال له القوم: قد أكرمنا كما ترى، وما وراء هذا خير منه.

فقال: لا تعجلوا، فلكلّ عام طعام، ولكل راع مرعى، ولكل مراح مريح، وتحت الرًّغوة الصريح.

فمكثوا أياما، ثم أرسل إليه الغساني، قد رأيت أن أجعلك الناظر في أمر قومي، فإني قد رضيت عقلك وأتفرغ للذَّتي ومركبي، فما رأيك؟ فقال: أيها الملك، ما أحسب أن رغبتك فيّ بلغَّتك أن تجعل لي ملكك، فقد

<<  <  ج: ص:  >  >>