وكتب إلى الأحنف: كافئ على البلاء فإنَّ الله يحبَّ الشَّاكرين.
وكان يكثر الغزو، وهو شيخ كبير، وكان لا يليق شيئا سخاء، وكان شجاعا مسيَّعا وهو الذي يقول:
تلوم حليلتي بالغزو جهلا … وغرُ الغرور أَولى بالملام
ولولا الغزو كنت كمن يغادى … بأنواع الشَّبارق والمُدام
"الشبارق الطعام، لفظ فارسي معرب ".
قليا الهمِّ يزهدُ في المعالي … ويرضى بالقليل من الطَّعام
فهمِّي غير همِّكِ فاتركيني … وغزوي، إنَّه همُّ الكرام
سأَغزو التُّرك إِنَّ لهم عُراما … وبأسا حين تزحف للزِّحام
هو الومت الزُّؤام إَذا تنادوا … لحرب يستطار لها عُقام
حدثنا أبو حاتم قال: أخبرنا أبو عبيد قال، الزؤام الموت الوحيّ.
تراهم في الحديد كأُسدِ غاب … على جرد عوابي كالجلام
طووها للغوار فأَضمروها … فاضت لا تضجُّ من الكلام
ولا تنحاش من ذعر ولا من … مباشرة الأَسنَّة والسِّهام
وعندي حين أَغزوهم عتاد … عتيد، كلُّ مصقول حسام
وكلُّ طمرَّة مرطى سبوح … أَمام الخيل ظاهرة القسام
وكل مثقفَّ لدن عسول … عليه مثل نبراس النِّهام
إِذا أَنحيته في القرن أَصمى … ولا ينئد للحلق التُّؤَام
لا ينئد لا ينثني، والتؤام يعني حلقتين، وهذه دروع حلقُها مضاعف.