للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خَواص الْأمة وخاصة الرَّسُول وَهُوَ إِيمَان الصدّيق وَحزبه وَكثير من النَّاس حظهم من الْإِيمَان الْإِقْرَار بِوُجُود الصَّانِع وَأَنه وَحده الَّذِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا وَهَذَا لم يكن يُنكره عبّاد الْأَصْنَام من قُرَيْش وَنَحْوهم وَآخَرُونَ الْإِيمَان عِنْدهم هُوَ التَّكَلُّم بِالشَّهَادَتَيْنِ سَوَاء كَانَ مَعَه عمل أَو لم يكن وَسَوَاء وَافق تَصْدِيق الْقلب أَو خَالفه وَآخَرُونَ عِنْدهم الْإِيمَان مُجَرّد تَصْدِيق الْقلب بِأَن الله سُبْحَانَهُ خَالق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَإِن لم يقر بِلِسَانِهِ وَلم يعْمل شَيْئا بل وَلَو سبّ الله وَرَسُوله وأتى بِكُل عَظِيمَة وَهُوَ يعْتَقد وحدانية الله ونبوة رَسُوله فَهُوَ مُؤمن وَآخَرُونَ عِنْدهم الْإِيمَان هُوَ جحد صِفَات الرب تَعَالَى من علوه على عَرْشه وتكلمه بكلماته وَكتبه وسَمعه وبصره ومشيئته وَقدرته وإرادته وحبه وبغضه وَغير ذَلِك مِمَّا وصف بِهِ نَفسه وَوَصفه بِهِ رَسُوله فالإيمان عِنْدهم إِنْكَار حقائق ذَلِك كُله وجحده وَالْوُقُوف مَعَ مَا تَقْتَضِيه آراء المتهوكين وأفكار المخرصين الَّذين يرد بَعضهم على بعض وينقض بَعضهم قَول بعض الَّذين هم كَمَا قَالَ عمر بن الْخطاب وَالْإِمَام أَحْمد مُخْتَلفُونَ فِي الْكتاب مخالفون للْكتاب متفقون على مُفَارقَة الْكتاب وَآخَرُونَ عِنْدهم الْإِيمَان عبَادَة الله بِحكم أذواقهم ومواجيدهم وَمَا تهواه نُفُوسهم من غير تَقْيِيد بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول وَآخَرُونَ الْإِيمَان عِنْدهم مَا وجدوا عَلَيْهِ آبَاءَهُم وأسلافهم بِحكم الِاتِّفَاق كَائِنا مَا كَانَ بل إِيمَانهم مَبْنِيّ على مقدمتين إِحْدَاهمَا أَن هَذَا قَول أسلافنا وَآبَائِنَا وَالثَّانيَِة أَن مَا قَالُوهُ فَهُوَ الْحق وَآخَرُونَ عِنْدهم الْإِيمَان مَكَارِم الْأَخْلَاق وَحسن الْمُعَامَلَة وطلاقة الْوَجْه وإحسان الظَّن بِكُل أحد وتخلية النَّاس وغفلاتهم وَآخَرُونَ عِنْدهم الْإِيمَان التجرد من الدُّنْيَا وعلائقها وتفريغ الْقلب مِنْهَا والزهد فِيهَا فَإِذا رَأَوْا رجلا هَكَذَا جَعَلُوهُ من سَادَات أهل الْإِيمَان وَإِن كَانَ منسلخا من الْإِيمَان علما وَعَملا وَأَعْلَى من هَؤُلَاءِ من جعل الْإِيمَان هُوَ مُجَرّد الْعلم وَإِن لم يقارنه عمل وكل هَؤُلَاءِ لم يعرفوا حَقِيقَة الْإِيمَان وَلَا قَامُوا بِهِ وَلَا قَامَ بهم وهم أَنْوَاع مِنْهُم من جعل الْإِيمَان مَا يضاد الْإِيمَان وَمِنْهُم

<<  <   >  >>