للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومماليكه بِمن يُعينهُ على الْخَلَاص وَيكسر بَاب محبسه ويفك قيوده فَإِن فعل بِهِ ذَلِك فقد أتم إنعامه عَلَيْهِ وان تخلى عَنهُ فَلم يَظْلمه وَلَا مَنعه حَقًا هوله وَأَن حَمده وحكمته اقْتضى مَنعه وتخليته فِي محبسه وَلَا سِيمَا إِذا علم أَن الْحَبْس حَبسه وَأَن هَذَا الْعَدو الَّذِي حَبسه مَمْلُوك من مماليكه وَعبد من عبيده ناصيته بِيَدِهِ لَا يتَصَرَّف إِلَّا بِإِذْنِهِ ومشيئته فَهُوَ غير ملتفت إِلَيْهِ وَلَا خَائِف مِنْهُ وَلَا مُعْتَقد أَن لَهُ شَيْئا من الْأَمر وَلَا بِيَدِهِ نفع وَلَا ضرّ بل هُوَ ناطر إِلَى مَالِكه ومتولي أمره وَمن ناصيته بِيَدِهِ قد أفرده بالخوف والرجاء والتضرّع إِلَيْهِ والالتجاء وَالرَّغْبَة والرهبة فهناك تَأتيه جيوش النَّصْر وَالظفر

أَعلَى الهمم فِي طلب علم الْكتاب وَالسّنة والفهم عَن الله وَرَسُوله نفس المُرَاد وَعلم حُدُود الْمنزل وأخّس همم طلاب الْعلم قصر همته على تتبع شواذ الْمسَائِل وَمَا لم ينزل وَلَا هُوَ وَاقع أَو كَانَت همته معرفَة الِاخْتِلَاف وتتبع أَقْوَال النَّاس وَلَيْسَ لَهُ همة إِلَى معرفَة الصَّحِيح من تِلْكَ الْأَقْوَال وقلّ أَن ينْتَفع وَاحِد من هَؤُلَاءِ بِعِلْمِهِ وَأَعْلَى الهمم فِي بَاب الْإِرَادَة أَن تكون الهمة مُتَعَلقَة بمحبة الله وَالْوُقُوف مَعَ مُرَاده الديني الأمري وأسفلها أَن تكون الهمة واقفة مَعَ مُرَاد صَاحبهَا من الله فَهُوَ إِنَّمَا يعبده لمراده مِنْهُ لَا لمراد الله مِنْهُ فَالْأول يُرِيد الله وَيُرِيد مُرَاده وَالثَّانِي يُرِيد من الله وَهُوَ فارغ عَن إِرَادَته

عُلَمَاء السوء جَلَسُوا على بَاب الْجنَّة يدعونَ إِلَيْهَا النَّاس بأقوالهم ويدعونهم إِلَى النَّار بأفعالهم فَكلما قَالَت أَقْوَالهم للنَّاس هلمّوا قَالَت أفعالهم لَا تسمعوا مِنْهُم فَلَو كَانَ مَا دعوا إِلَيْهِ حَقًا كَانُوا أول المستجيبين لَهُ فهم فِي الصُّورَة أدلاء وَفِي الْحَقِيقَة قطّاع الطّرق إِذا كَانَ الله وَحده حظك ومرادك فالفضل كُله تَابع لَك يزدلف إِلَيْك أَي أَنْوَاعه تبدأ بِهِ وَإِذا كَانَ حظك مَا تنَال مِنْهُ فالفضل مَوْقُوف عَنْك لِأَنَّهُ بِيَدِهِ تَابع لَهُ فعل من أَفعاله فَإِذا حصل لَك حصل لَك الْفضل بطرِيق الضمن والتبع وَإِذا كَانَ الْفضل مقصودك لم يحصل الله بطرِيق الضمن والتبع فَإِن

<<  <   >  >>