لمَكَان الطَّهَارَة فالحاجة الى معرفَة الاسباب الَّتِي يطْلب مِنْهَا الْخَيْر وتوصل الى الله شَدِيدَة
فَمن كَانَت لَهُ عناية بِنَفسِهِ وَخَافَ عَلَيْهَا التّلف طلب لطائف الاسباب بدقائق الفطن وغائص الْفَهم حَتَّى يصل اليها فَإِذا وصل اليها تمسك بهَا وَعمل عَلَيْهَا لَان الْمعرفَة لآفات الْعَمَل تكون قبل الْعَمَل وَمَعْرِفَة الطَّرِيق قبل سلوكه وحاجة العَبْد الى معرفَة نَفسه وهواها وعدوه وَمَعْرِفَة الشَّرّ أَشد إِن كَانَ كيسا وَهُوَ الى ذَلِك افقر إِن كَانَ فطنا معنيا بِنَفسِهِ
لانه لَيْسَ الْعَمَل بِكُل الْخَيْر يلْزم العَبْد وَالشَّر كُله لَازم للْعَبد تَركه وَمن ترك الشَّرّ وَقع فِي الْخَيْر وَلَيْسَ كل من عمل بِالْخَيرِ كَانَ من أَهله
وَمَعْرِفَة العَبْد للشر فِيهَا علم الْخَيْر وَالشَّر وَلَيْسَ فِي معرفَة الْخَيْر العلمان جَمِيعًا لَان كل من ميز الْخَيْر من الشَّرّ فَعَزله واعتزله فَكل مَا بَقِي بعد ذَلِك فَهُوَ خير كُله وَقد يُمكن أَن يعلم الْخَيْر وَلَا يحسن ان يُمَيّز مَا فِيهِ من الشَّرّ من الافات الَّتِي تفسده وتبطله لَان الْخَيْر مشوب ممازج بِالشَّرِّ وَالشَّر شَرّ كُله
الشَّيْطَان يضل النَّاس بِالْخَيرِ وبالشر
وَقد اضل الْعَدو الْخَبيث عَن الله كثيرا من النَّاس بِالْخَيرِ واضل كثيرا مِنْهُم بِالشَّرِّ وَإِنَّمَا اضل من أضلّ مِنْهُم بِالْخَيرِ لقلَّة معرفتهم بِمَا يمازج الْخَيْر من الشَّرّ فجهلوا معرفَة ذَلِك وأوهمتهم انفسهم أَنهم على خير وَهدى وَطَرِيق محبَّة وسبيل واستقامة وهم ضالون عَن الله عادلون عَن طَرِيق محبته وسبيل الاسْتقَامَة اليه