للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما لم يقطع على غيبه؛ العلم لا يحصل من جهته، إذ لم كان يحصل من جهته العلم لوجب أن يستوي فيه كل من سمعه كما يستوون في العلم بمخبر خبر التواتر، فلما كنا نجد أنفسنا غير عالمين بصحة مخبره، دل على أنه لا يقطع على مغيبه، وأنه بخلاف خبر التواتر، فصار خبر الواحد بمنزلة الشاهد الذي قد أمرنا بقبول شهادته، وإن كنا لا نقطع على صدقه.

فإن قيل بأن في سياق الآية ما يوجب التوقف عن خبره، وهو قوله عز وجل: {أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ} [الحجرات:٦] والجهالة قد تدخل في خبر العدل من حيث كان خبره لا يقطع على مغيبه، من حيث كان السهو والغلط والكذب جائزا عليه.

قيل: الجهالة في هذا الموضع هي السفاهة، وفعل ما لا يجوز فعله مما يقع التوبيخ والذم عليه، وقد جاز التوبيخ على الجهل في بعض المواضع ولو كانت الجاهلة لا تكون إلا بمعنى الغلط، لقبح الذم والتوبيخ على فعلها.

والدليل على صحة هذا التأويل قوله عز وجل: {فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:٦]. والندم إنما يكون على ارتكاب المنهي عنه.

<<  <   >  >>