أن الرسول عليه السلام كانت هجرته إلى المدينة، ومقامه بها، ونزول الوحي عليه فيها، واستقرار الأحكام والشرائع بها، وأهلها مشاهدون لذلك كله عالمون به، لا يخفى عنهم شيء منه، وكانت حاله - صلى الله عليه وسلم - معهم إلى أن قبض على أوجه:
١ ـ إما أن يأمرهم بالأمر فيفعلونه.
٢ ـ أو يفعل الأمر فيتبعونه.
٣ ـ أو يشاهدهم على أمر فيقرهم عليه.
فلما كانت هذه المنزلة منه عليه الصلاة والسلام حتى اقطع التنزبل، وقبض من بينهم - صلى الله عليه وسلم - فمحال أن يذهب عليهم وهم مع هذه الصفة ما يستدركه غيرهم؛ لأن غيرهم ممن ظعن منهم إلى المواضع هم الأقل، فالأخبار عنهم أخبار آحاد؛ لأن عددهم مضبوط، وأخبار أهل المدينة أخبار تواتر فكانت أولى من أخبار الآحاد.