للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد جلب الفتح الإسلامي إلى هؤلاء القبط -ذلك اللفظ الذي يطلق على المسيحيين من اليعاقبة في مصر- حياة تقوم على الحرية الدينية التي لم ينعموا بها قبل ذلك بقرن من الزمان"١.

وكثيرًا ما كان الحكم الإسلامي مخلصًا لكثير من طوائف النصارى من حقد واضطهاد وظلم، وبجانب عامل العدل والتسامح الذي عرف به الفاتحون المسلمون، كان هذا من العوامل التي جعلت الكثير من المسيحيين يفضلون الحكم الإسلامي على حكم أبناء دينهم من أتباع الطوائف الأخرى. كما تقدم لنا شواهد ذلك في مبحث "شهادة الأعداء بعدالة الأمة الإسلامية"٢.

ب- العدل فيما بينهم وبين غيرهم من الأمم:

سبق لنا في بحث العدل فيما بينهم كيف أن المسيح عليه السلام، أمرهم بمقابلة السيئة بالحسنة، وأن لا يردوا على من أساء إليهم، وتلك مثالية عالية لم تبلغها همم القوم؛ ولعل ما نزل بهم من ظلم يهود ولارومان واضطهادهم المرير لهم أيام ضعفهم وذلتهم، ترك في أنفسهم الرغبة في الانتقام متى استطاعوا ذلك؛ بل والاعتداء إن قدروا.

وإن نحن استنطقنا تاريخ القوم أفصح لنا عن سواءت يتوارى المرء منها خجلًا؛ إذ ثبت الوقائع التاريخية أن القوم كانوا شديدي الظلم والاضطهاد لمن يقع تحت سلطانهم من أهل الأديان الأخرى؛ إذ ليس لأهل هذه الأديان بينهم مقام؛ فإما التنصر وإما القتل أو الرحيل.

ولم يكن اضطهادهم للمخالفين عملًا فرديًا يبدو حينًا ويختفي حينًا؛ بل


١ الدعوة إلى الإسلام ص١٢٣.
٢ انظر: ص١٧٨ وما بعدها.

<<  <   >  >>