للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} ١.

فاستجلبوا بهذا الموقف المخزي غضب الله عز وجل ومقته وسخطه واستوجبوا عذابه ونقمته: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} ٢. {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} ٣.

ولقد أسرف القوم فيقتل الأنبياء واستمرؤا ذلك، وردوا على الكفر بالله وسفك دم أنبيائه، فكانوا يقتلون النبيأو الأنبياء، ثم يمارسون أعمالهم وحياتهم اليومية وكأنهم لم يرتكبوا إثمًا، أو يحدثوا جرمًا، أثر عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "وكانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلاثمائة نبي، ثم يقيمون سوق بقلهم في آخر النهار"٤.

ومن أعظم الأنبياء الذين قتلوهم زكريا وابنه يحيى عليهما السلام؛ فقد أخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ} قال: "بعث عيسى بن مريم في اثني عشر رجلًا من الحواريين يعلمون الناس فكان ينهاهم عن نكاح ابنة الأخ وكان ملك له ابنة أخ تعجبه فأرادها وجعل يقضي لها كل يوم حاجة فقالت لها أمها إذا سالت عن حاجتك فقولي له: أن تقل يحيى بن زكرياِ؛ فقال لها الملك: حاجتك فقالت: حاجتي أن تقتل يحيى بن زكريا، فقال: سلي غير


١ سورة المائدة آية ٧٠.
٢ سورة البقرة آية ٦١.
٣ سورة آل عمران آية ٢١.
٤ ذكره ابن كثير، تفسير القرآن العظيم ١/ ١٤٦، والسيوطي، الدر المنثور ١/ ١٧٨. وقال: أخرجه أبو داود الطيالسي، وابن أبي حاتم. انظر: تفسير ابن حاتم المسمى، تفسير القرآن العظيم ١/ ١٩٧، ح ٦٣٦، وقال محققه: رجاله ثقات.

<<  <   >  >>