للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا؛ فقالت: لا أسأل غير هذا؛ فلما أتى أمر به فذبح"١.

وذكر الإمام ابن جرير٢ وغيره٣ قتل بني غرسائل زكريا عليها لسلام كما قتلوا ابنه يحيى، وقد أجمعوا قتل المسيح عيسى بن مريم عليه السلام؛ ولكن الله حفظه من كيدهم، ورفعه إليه، وألقى شبهه على غيره فقتلوه وصلبوه وهم يعتقدون أنهم قتلوا المسيح عليه السلام، كما ذكر ذلك عنهم الحق تبارك وتعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا، بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} ٤.

وكما سجل الله عليهم في القرآن الكريم هذا الجزم العظيم، نجد نصوص الأسفار المقدسة عندهم تنص على وقوع ذلك أيضًا؛ ففي "سفر الملوك الأول" نرى كيف حاول بنو إسرائيل قتل نبي الله إلياس عليه السلام -والسفر يذكره باسم "إيليا"- مما اضطره إلى الهرب والاختباء منهم؛ لأنهم تركوا عهد الله وقتلوا أنبياءه: "وكان كلام الرب إليه يقول له: مالك ههنا يا إيليا؟ فقال: قد غرت غيره للرب إليه الجنود؛ لأن بني إسرائيل قد تركوا عهدك ونقضوا مذابحك، وقتلوا أنبياءك بالسيف؛ فبقيت أنا وحدي، وهم يطلبون نفسي ليأخذوها"٥.

فهذا النص الذي سجله أحبار اليهود ومحرروًا أسفارهم، يدل دلالة


١ المستدرك ٢/ ٢٩٠، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
٢ انظر: جامع البيان ٦/ ٢٨٤.
٣ كالإمام ابن القيم. انظر: هداية الحيارى ص ٤٧، "ط. الأولى، بتحقيق مصطفى أبو النصر".
٤ سورة النساء آية ١٥٧- ١٥٨.
٥ الكتاب المقدس، العهد القديم. سفر الملوك الأول، إصحاح ١٩ فقرة ١٠.

<<  <   >  >>