للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منها: لا يجوز أن يوصف الباري تعالى بصفة يوصف بها خلقة؛ لأن ذلك يقضي تشبيهًا فنفي كونه حيًا عالمًا، وأثبت كونه قادرًا فاعلًا خالقًا؛ لأنه لا يوصف شيء من خلقه بالقدرة والفعل والخلق"١.

ومن ذلك ما ذكره السمعاني في "الأنساب حيث قال في ترجمة جهم: "والمنكر في عقيدته كثير، وأفظعها كان يزعم أن الله عز وجل لا يوصف بأنه شيء، ولا بأنه حي عالم ولا يوصف بما يجوز إطلاق بعضه على غيره، وزعم أن تسميته شيئًا، وتسمية غيره شيئًا، توجب التشبيه بينه وبين غيره، وكذلك تسميته حيًا وعالمًا، وتسمية غيره بذلك توجب التشبيه بينه وبين من سمى بذلك من المخلوقين.

وأطلق عليه اسم القادر؛ لأنه - أي: الجهم- لا يسمى أحدًا من المخلوقين قادرًا من أجل نفيه استطاعة العباد واكتسابهم.

قال: وفي هذا القول إبطال أكثر ما ورد به القرآن من أسماء الله تعالى، كالعليم، والحي، والبصير، والسميع، ونحو ذلك؛ لأن كل واحد من هذه الأسماء قد يسمى به غيره فيلزمه أن لا يسمى إلهه إلا باسم ينفرد به كالإله والخالق والرزاق ونحو ذلك، ويرد أسماءه حينئذ إلى عدد قليل"٢.

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولهذا كان جهم وأمثاله يقولون: إن الله ليس بشيء، وروى أنه قال: لا يسمى باسم يسمى به الخلق؛ فلم يسمه إلا بالخالق القادر؛ لأنه كان جبريًا يرى أن العبد لا قدرة له"٣.

من هذه النقول يتضح لنا مذهب جهم الذي يدور على:


١ انظر: الملل والنحل ١/ ٨٦.٣
٢ انظر: الأنساب ٢/ ١٣٣.
٣ انظر: منهاج السنة ٢/ ٥٢٦.

<<  <   >  >>