للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطرف الثاني "القدرية":

ذكرنا فيما سبق أن القدرية الغلاة الأوائل انقرضوا، وأن المعتزلة١ تبنت القول بنفي القدر، وجعلته أحد أصول مذهبها؛ فعرفوا لأجل ذلك بالقدرية.

وهو اسم أطلقه عليهم أهل السنة وغيرهم، وهم يتمنعون منه، ولا يقرون به، يقول القاضي عبد الجبار في ذلك: "اعلم أن القدرية عندنا إنما هم المجبرة والمشبهة، وعندهم المعتزلة؛ فنحن نرميهم بهذا اللقب ويرموننا به"٢.

وعلى أي حال فقد أصبح علمًا عليهم، كطرف مقابل للجبرية.

وكان قولهم في أفعال العباد أنها غير مخلوقة لله عز وجل، وأنهم هم المحدثون لها من دونه.

يقول القاضي عبد الجبار -وهو من أئمة القدرية: "اتفق كل أهل العدل على أن أفعال العباد من تصرفهم، وقيامهم وقعودهم، حادثة من جهتهم، وأن الله عز وجل أقدرهم على ذلك، ولا فاعل لها، ولا محدث سواهم، وأن من قال: إن الله سبحانه خالقها ومحدثها؛ فقد عظم خطؤه"٣.

وعقد في كتاب "شرح الأصول الخمسة" فصلًا في "أفعال العباد" أشار فيه إلى أن أفعال العباد غير مخلوقة فيهم وأنهم المحدثون لها٤.

وقال ابن المرتضى: "وأجمعوا؛ -أي: المعتزلة- أن فعل العبد غير


١ انظر: شرح الأصول الخمسة ص٧٧٢.
٢ انظر: شرح الأصول الخمسة ٧٧٢.
٣ انظر: المغني في أبوال العدل والتوحيد ٨/ ص ٣، "ط. الأولى ١٣٨٠ هـ - ١٩٦٠ م، نشر: دار الثقافة والإرشاد، مطبعة دار الكتب".
٤ ص ٣٢٣.

<<  <   >  >>