للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


يضاهئون بخلق الله هم المصورون; فهم يضاهئون بخلق الله سواء كانت هذه المضاهاة جسمية أو وصفية; فالجسمية أن يصنع صورة بجسمها، والوصفية أن يصنع صورة ملونة; لأن التلوين والتخطيط باليد وصف للخلق، وإن كان الإنسان ما خلق الورقة ولا صنعها لكن وضع فيها هذا التلوين الذي يكون وصفا لخلق الله عز وجل.
هذا الحديث يدل على أن المصورين يعذبون، وأنهم أشد الناس عذابا، وأن الحكمة من ذلك مضاهاتهم خلق الله عز وجل وليست الحكمة كما يدعيه كثير من الناس أنهم يصنعونها لتعبد من دون الله; فذلك شيء آخر، فمن صنع شيئا ليعبد من دون الله; فإنه حتى ولو لم يصور كما لو أتى بخشبة وقال: اعبدوها; فقد دخل في التحريم; لقوله تعالى: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ١ لأنه أعان على الإثم والعدوان.
وقوله: "يضاهئون": هل الفعل يشعر بالنية بمعنى أنه لا بد أن يقصد المضاهاة، أو نقول: المضاهاة حاصلة سواء كانت بنية أو بغير نيه؟
الجواب: الثاني; لأن المضاهاة حصلت سواء نوى أم لم ينو; لأن العلة هي المشابهة، وليست العلة قصد المشابهة، فلو جاء رجل وقال: أنا لا أريد أن أضاهي خلق الله، أنا أصور هذا للذكرى مثلا وما أشبه ذلك; نقول: هذا حرام; لأنه متى حصلت المشابهة ثبت الحكم; لأن الحكم يدور مع علته كما قلنا فيمن لبس لباسا خاصا بالكفار: إنه يحرم عليه هذا اللباس، ولو قال: إنه لم يقصد المشابهة; نقول: لكن حصل التشبه; فالحكم المقرون بعلة لا يشترط فيه القصد، فمتى وجدت العلة ثبت الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>