الآية الأولى: قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذريات:٥٦] . قوله: {إلا ليعبدون} استثناء مفرغ من أعم الأحوال، أي: ما خلقت الجن والإنس لأي شيء إلا للعبادة. واللام في قوله: {إلا ليعبدون} للتعليل، وهذا التعليل لبيان الحكمة من الخلق، وليس التعليل الملازم للمعلول; إذ لو كان كذلك؛ للزم أن يكون الخلق كلهم عبادا لله يتعبدون له، وليس الأمر كذلك. فهذه العلة غائية، وليست موجبة. فالعلة الغائية لبيان الغاية والمقصود من هذا الفعل، لكنها قد تقع، وقد لا تقع مثل: بريتُ القلم لأكتب به، فقد تكتب، وقد لا تكتب. والعلة الموجبة معناها: أن المعلول مبني عليها، فلا بد أن تقع، وتكون سابقة للمعلول، وملازمة له. مثل: انكسر الزجاج لشدة الحر. قوله: {خلقت} أي: أوجدت، وهذا الإيجاد مسبوق بتقدير، وأصل الخلق التقدير. قال الشاعر: ولأنت تفري ما خلقت ... وبعض الناس يخلق ثم لا يفري